الحيثية آنا ما كاف في صدق المفهوم على المصداق من زمن وجود الحيثية إلى الأبد وان زال تلبسه ولم يتلبس في زمن الصدق.
قلت: كلام الأعمى يحتمل امرين (الأول) أن يكون مراده من ذلك ما هو ظاهر كلامه أعني كفاية وجود الحيثية آنا ما في صدق المفهوم على المصداق دائما. (الثاني) أن يكون مراده ان مبدأ المشتق إذا وجد في موضوع يصير سببا لتحقق حيثية انتزاعية و واعتبارية في هذا الموضوع باقية في جميع الأزمنة وان زال نفس المبدء، وباعتبار هذه الحيثية الانتزاعية يصدق المفهوم على المصداق لا باعتبار وجود نفس المبدء، فليس (القائم) في (زيد قائم) مثلا حاكيا لثبوت القيام لزيد، بل لوجود حيثية اعتبارية له ثابتة له من زمن تلبسه بالقيام إلى الأبد، وتلبسه بالقيام علة لحدوث تلك الحيثية الاعتبارية من دون ان تكون في بقائها محتاجة إليه، مثلا كلمة (قائم) في هذا المثال ليس معناه ثبوت القيام لزيد، بل كون زيد متصفا بأنه ثبت له القيام في زمان، وهذا المعنى الانتزاعي لا ينفك من زيد ابدا وان انفك منه القيام. وعلى هذا فالبحث لغوي راجع إلى بيان معنى المشتق بحسب اللغة، والنزاع على الاحتمال الأول كبروي، إذ الأخصي يوجب وجود ملاك الصدق و حيثيته في زمان الانطباق، والأعمى قائل: بكفاية وجوده آنا ما في الانطباق دائما.
واما على الاحتمال الثاني فصغروي، إذ كلاهما قائلان على هذا بلزوم وجود حيثية الصدق وملاكه في زمن الانطباق الا ان الحيثية على قول الأخصي مبدأ المشتق، وعلى قول الأعمى حيثية اعتبارية تعتبر في الموضوع في جميع الأزمنة بعد تلبسه بالمبدأ آنا ما، و الظاهر أن مراد الأعمى هو الثاني ولا يظن به كون مراده ما ذكرناه من الاحتمال الأول لما ذكرناه آنفا: من أن صدق المفهوم على موجود يتوقف على وجود حيثية في هذا الموجود بها يصدق عليه والا لزم صدق كل عنوان على كل شئ أو الترجح من غير مرجح.
(المقدمة الثانية) المبدء الذي يكون وجوده مدارا لانطباق المفهوم على المصداق اما حدوثا فقط واما حدوثا وبقاء، أعم من أن يكون امرا حقيقيا متأصلا (كالبياض) مثلا أو انتزاعيا أو اعتباريا موجودا بوجود منشأ انتزاعه أو اعتباره، (كالأبوة والبنوة والفوقية والتحتية وكالملكية والزوجية).