نفسها مغفولا عنها في هذا اللحاظ، وعلي هذا فلا يعقل استعمال للفظ الا في معنى واحد، ضرورة ان لحاظه فانيا في معنى بحيث يكون التوجه إلى نفس المعنى ينافي لحاظه كذلك بالنسبة إلى معنى اخر مع وحدة اللفظ والاستعمال. (وبالجملة) فالاستعمال عبارة عن طلب عمل اللفظ في المعنى. وكيف يمكن أن يكون اللفظ حال كونه عاملا في هذا المعنى وفانيا فيه، عاملا في معنى اخر! (انتهى).
(أقول): قد عرفت سابقا ان عمل اللفظ في المعنى قد يكون افهاميا، وقد يكون ايجاديا والأول على ثلثة أقسام والثاني على قسمين، فالمجموع خمسة ولا يخفى ان ما ذكره (قدس سره) يجرى في بعض الأقسام، ولكن جريانه في جميع الأقسام ولا سيما الايجادي منها مشكل فتدبر.
(ثم إن المهم) في المسألة هو اثبات الجواز عقلا في قبال من ادعى الامتناع العقلي، فلو ثبت الجواز عقلا فلا وجه للمنع عنه بحسب الوضع وان اصر عليه المحقق القمي (قال (قده) في القوانين) (ما حاصله): ان اللفظ المفرد إذا وضع لمعنى فمقتضى الحكمة في الوضع أن يكون المعنى مرادا في حال الانفراد، (لا أقول) ان الواضع يصرح بأنى أضع اللفظ لهذا المعنى بشرط الوحدة ولا يجب ان ينوى ذلك حين الوضع أيضا، (بل أقول) انما صدر الوضع عنه مع الانفراد وفي حال الانفراد لا بشرط الانفراد حتى يكون الوحدة جزء للموضوع له، فالمعنى الحقيقي للمفرد هو المعنى في حال الوحدة لا المعنى والوحدة، وعلي هذا فلا يجوز استعمال المفرد في غير حال الانفراد لا حقيقة ولا مجازا (أما الأول) فواضح (واما الثاني) فلان المجاز أيضا مثل الحقيقة في أنه لا يجوز التعدي عما حصل الرخصة فيه من العرب بحسب نوعه. ولم يثبت الرخصة منهم في هذا النوع من الاستعمال (انتهى).
(أقول): ما هو شأن الواضع انما هو تعيين الموضوع له وبيان كيفية الاستعمال: من كونه ايجاديا أو افهاميا، تصوريا أو تصديقيا. وبمثل ذلك يفرق بين اضرب، وطلب الضرب وطلبت منك الضرب مثلا، حيث إن المقصود من وضع اللفظ في الأول أن يعمل في المعنى بنحو الايجاد، وفي الثاني أن يعمل فيه بنحو الافهام التصوري، وفي الثالث