(فالتحقيق ان يقال) ان النهى بحقيقته ومباديه وآثاره يختلف مع الامر، وما زعمه المحقق الخراساني تبعا للمشهور: من اشتراكهما في كونهما للطلب فاسد جدا (بيان ذلك) ان مفاد الامر كما مر سابقا عبارة عن البعث الانشائي والتحريك القولي نحو العمل المطلوب بإزاء البعث الخارجي والتحريك العملي نحوه، فكما أن الطالب للشئ ء قد يأخذ بيد المطلوب منه ويجره نحو المقصود أو يحركه ويبعثه بوسيلة الجارحة نحوه فكذلك قد يقول له بدلا من ذلك:
(افعل كذا) فمفاده عبارة عن البعث والتحريك ويكون اعتباره اعتبار التحريك العملي.
(ومبادي البعث) عبارة عن تصور المبعوث إليه والتصديق بمصالحه وفوائده ثم اشتياق النفس إليه فإذا تحقق الشوق في نفس المولى وتأكد، بعث العبد نحوه ليوجده. (ومتعلق الامر) عبارة عن ايجاد الطبيعة أو نفسها على التقريب الذي تقدم في المسألة السابقة، فان أتى العبد بها كان ممتثلا وان تركها كان عاصيا، فالامر يتعلق بما يكون تحققه ونفس أمريته محققا لامتثاله وهو وجود الطبيعة، وحيث إن متعلقه نفس وجود الطبيعة فبوجودها يسقط الامر من جهة حصول الغرض فلا يقع الفرد الثاني والثالث وغيرهما مصاديق للامتثال (نعم) ان أوجد المكلف في عرض واحدا زيد من فرد واحد وقع كل منها امتثالا برأسه إذ يصدق على كل واحد منها انه وجود للطبيعة المأمور بها، وقد مر بيان ذلك في مسألة المرة والتكرار، هذا كله مما يتعلق بالأمر.
(واما النهى) فحقيقته عبارة عن الزجر الانشائي عن الوجود بإزاء الزجر الخارجي، فكما أن المبغض. للشيئ قد يأخذ بيد العبد وينحيه ويزجره عن الفعل المبغوض عملا، فكذلك قد يزجره انشاء بصيغة النهى، فوزان صيغة النهى وزان الزجر العملي، (ومبادي الزجر) عبارة عن تصور الشئ والتصديق بمفاسده ثم الكراهية والمبغوضية، (ومتعلقه) مثل متعلق الامر أعني وجود الطبيعة المبغوضة (والحاصل) ان الامر والنهى يشتركان بحسب المتعلق بمعنى ان المتعلق في كليهما عبارة عن وجود الطبيعة ولكنهما مختلفان بحسب الحقيقة والمبادئ والآثار فحقيقة الامر هو البعث والتحريك نحو المتعلق ويعبر عنه بالفارسية (واداشتن)، وحقيقة النهى عبارة عن الزجر والمنع عن المتعلق، ويعبر عنه بالفارسية (بازداشتن)، وما هو المتعلق للامر أعني وجود الطبيعة نفس أمريته امتثال له، وما هو المتعلق للنهى