بنحو لا يرد عليه اشكال، ومهد لبيان مرامه أربع مقدمات، ذكر في الأولى مسألة تضاد الاحكام بعد وصولها إلى مرتبة الفعلية، وجعله من الواضحات، (وفي الثانية) ان متعلق الحكم عبارة عن فعل المكلف وما يصدر عنه في الخارج أعني المعنونات لا العناوين والأسماء، (وفي الثالثة) ان تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون كما أن مفاهيم الصفات الجلالية والجمالية تصدق على ذات الباري (تعالى) مع انحفاظ وحدته وبساطته، وكأن ما ذكره في هذه المقدمة انما هو لدفع ما يمكن ان يقال: ان المجمع باعتبار كونه ذا عنوانين يكون متحيثا بحيثيتين انضماميتين تقييديتين إحديهما متعلق للامر والأخرى للنهى فلا يلزم اجتماع الضدين، فدفعه هو (قده) بان تعدد العنوان لا يوجب كون المعنون متحيثا بحيثيتين انضماميتين، (وذكر في المقدمة الرابعة) ان الوجود الواحد لا يتصور له ماهتيان مستقلتان، بل الواحد وجودا واحد ماهية وان كانت العناوين الصادقة عليه لا تعد ولا تحصى كثرة، (ثم استنتج) من هذه المقدمات امتناع الاجتماع، بدعوى أن المجمع حيث كان واحدا بحسب الماهية والوجود كان تعلق الامر والنهى به معا محالا للزوم اجتماع الضدين في موضوع واحد ولو كان تعلقهما به بعنوانين لما عرفت من أن فعل المكلف بحقيقته متعلق للحكم لا بعنوانه واسمه (انتهى كلامه).
(أقول): تضاد الاحكام من الأمور المشهورة بينهم، وملاحظة كلماتهم تشهد بكونه من المسلمات عندهم، ولذلك ترى المجوزين يحومون حول تكثير متعلق الامر والنهى حتى يرتفع به غائلة التضاد، والمانعون قد جعلوا تمام همهم مصروفا في اثبات توحيد المتعلق بالنسبة إلى المجمع حتى يلزم فيه اجتماع الضدين (وبالجملة) تضاد الأحكام الخمسة من المسلمات عندهم.
" ولكن التحقيق خلافه " فان الوجوب والحرمة وغيرهما من الاحكام ليست من العوارض العارضة لفعل المكلف (بالفتح) بل هي بحسب الحقيقة من عواض المكلف (بالكسر) لقيامها به قياما صدوريا، غاية الامر ان لها نحو إضافة أيضا إلى المتعلق ولكن ليس كل إضافة مساوقا للعروض.
(توضيح ذلك) انك قد عرفت سابقا ان كلا من البعث والزجر يتقوم بثلث إضافات ولا يعقل