عن المولى الواحد بالنسبة إلى المكلف الواحد بعث وزجر حال كونهما متعلقين بطبيعة واحدة في زمان واحد، فهذا حكم يصدقه العقل بعدم تصور أطرافه ولكن لا من جهة كونه تكليفا بالمحال الذي يجوزه الأشعري، بداهة انهما تكليفان لا تكليف واحد متعلق بأمر محال، بل الوجه في ذلك أنه يمتنع ان ينقدح في نفس المولى الإرادة و الكراهة معا متعلقتين بطبيعة واحدة بالنسبة إلى شخص واحد في زمان واحد.
" وبالجملة " من المحالات تحقق البعث والزجر معا بعد كون كل واحد من المكلف والمكلف والمكلف به وزمان الامتثال واحدا، (نعم) ان تعدد واحدة من هذه الجهات الأربع ارتفع الاستحالة، وما ذكرناه من الكبريات المتسالم عليها بين جميع العقلاء.
(إذا تبين ذلك فنقول): ان النزاع في مسألة الاجتماع يرجع إلى أن المتنازع فيه من صغريات هذه الكبرى أم لا. (بيان ذلك) ان الأصوليين اختلفوا في أنه إذا كان هناك حيثيتان مختلفتان اشتركتا في بعض المصاديق مثلا (كما هو المتيقن من محل النزاع) فهل يجوزان يزجر المولى عن واحدة منهما باطلاقها ويبعث نحو الأخرى كذلك أو لا يجوز بل يشترط في تحقق البعث والزجر كون المتعلقين متباينين؟ (فالاجتماعي) يمنع كون هذا الفرض من صغريات الكبرى السابقة من جهة كون البعث متعلقا بحيثية سوى الحيثية التي تعلق بها الزجر، (والامتناعي) قائل بكونه من صغرياتها من جهة ان العبد وان كان يقدر على التفريق بين الحيثيتين ولكن مقتضى اطلاقهما جواز جمعهما في فرد واحد أيضا و (ح) فيلزم من تعلق البعث باحديهما والزجر بالأخرى اجتماع البعث والزجر في شئ واحد بالنسبة إلى هذا الفرد اي المجمع، والمفروض ان كلا من المكلف والمكلف والزمان أيضا واحد فيصير المقام من صغريات الكبرى المتقدمة، وعلي هذا فيجب على المولى في مقام البعث والزجر لحاظ الحيثيتين المتصادقتين بنحو لا تتصادقان ولو في فرد ما.
(والحاصل) ان النزاع بين الفريقين يرجع إلى أن هذا الفرض من صغريات تلك الكبرى أم لا، فالاجتماعي ينكر كونه منها من جهة اختلاف الحيثيتين، والامتناعي قائل بكونه منها من جهة اشتراك الحيثيتين في المصداق، هذا. وكان القدماء يسمون الاجتماع في صورة توجه الامر والنهى إلى مكلف واحد حال كونهما صادرين عن مولى واحد ومتعلقين