تحققهما بدونها: إضافة إلى المكلف (بالكسر)، وإضافة إلى المكلف (بالفتح)، وإضافة ثالثة إلى المكلف به (أعني الفعل)، فباعتبار اضافتهما إلى المكلف (بالكسر) يحمل عليه الآمر والناهي والباعث والزاجر وأمثال هذه العناوين المنتزعة عنه باعتبار صدور البعث أو الزجر عنه، وباعتبار اضافتهما إلى المكلف (بالفتح) يحمل عليه المأمور والمبعوث أو المنهى والمزجور، وباعتبار اضافتهما إلى المكلف به يحمل عليه الواجب والمأمور به أو الحرام والمنهى عنه ونحو ذلك، وانحاء هذه الإضافات مختلفة، فان اضافتهما إلى المكلف (بالكسر) انما هي بصدورهما عنه وقيامهما به قيام العرض بمعروضه كسائر الأفعال القائمة بفواعلها، واما اضافتهما إلى المكلف (بالفتح) وإلى المكلف به فليست من هذا القبيل لعدم كونهما مما يعرض عليهما خارجا وعدم كونهما موضوعين لهما، بداهة ان العرض الواحد ليس له الا موضوع واحد، فإضافة البعث أو الزجر إلى المكلف به مثلا وان كانت مصححة لانتزاع مفهوم الواجب أو الحرام عنه، ولكنه ليس من جهة كون الوجوب أو الحرمة عرضا للمكلف به، إذ ليس المصحح لانتزاع العناوين منحصرا في العروض، الا ترى ان العلم الذي هو من الصفات النفسانية، له نحو إضافة إلى المعلوم بالعرض الذي هو امر خارجي مع أنه ليس من عوارضه بالبداهة، إذ المعلوم، بالعرض قد يكون امرا مستقبلا معدوما حين العلم، ولا يصح قيام الموجود بالمعدوم، فالبعث والزجر أيضا مثل العلم في أن لهما أيضا نحو إضافة إلى فعل المكلف وباعتبارها ينتزع عنه العناوين ولكنهما ليسا من عوارضه، كيف! ولو كانا من عوارضه لم يعقل تحقق العصيان ابدا، فإنه متوقف على ثبوت البعث والزجر، ولو كان البعث والزجر من عوارض الفعل الخارجي توقف تحققهما على ثبوت الفعل في الخارج ولو في ظرفه (لو سلم كفاية ذلك في تحقق العروض) و (ح) فكيف يعقل العصيان إذ وجود المأمور به امتثال للامر لا عصيان، فمن هنا يعلم انهما ليسا من عوارض الفعل بل من عوارض المكلف (بالكسر) وقد صدرا عنه متوجهين إلى الجميع حتى العصاة، غاية الأمران لهما نحو إضافة إلى الفعل الخارجي أيضا، إضافة العلم إلى المعلوم بالعرض (1).
(٢٢٩)