اخر متعلقة بمقدماته كما إذا أراد الانسان الكون في مكان مخصوص فإنه يتولد من هذه الإرادة إرادات متعددة متعلقة بمقدماته: من وضع الاقدام ورفعها ونحو ذلك مما له دخل في وصوله إلى المقصد، فكذلك الإرادة التشريعية المتعلقة بصدور الفعل عن الغير يتولد منها إرادات اخر تشريعية متعلقة بمقدماته ومباديه (انتهى).
(وفيه) ان الإرادة التشريعية ليست عبارة عن إرادة صدور الفعل عن الغير بلا توسط إرادة منه، فان هذا عين الإرادة التكوينية، بل هي عبارة عن إرادة بعث المكلف نحو الفعل المطلوب حتى يحدث في نفسه الداعي فيوجده بإرادته، ولما كان نفس البعث نحو ذي المقدمة كافيا في حصول الداعي بالنسبة إلى ايجاد المقدمات فلا يبقى احتياج إلى إرادة البعث نحو المقدمات.
(توضيح ذلك) ان المولى إذا أراد صدور فعل عن عبده فاما ان يريد صدوره عنه بلا توسط إرادة من العبد متعلقة بالفعل، واما ان يريد صدوره عنه بإرادته واختياره، (اما الأول) فمرجعها الإرادة التكوينية، (واما الثاني) فلا بد فيه من أن يتولد من إرادة المولى صدور الفعل عن عبده على النحو المزبور إرادة أخرى منه متعلقة ببعث المكلف وتحريكه حتى يحدث له الداعي نحو الفعل بعد العلم به ويوجد في نفسه مبادئ الاختيار فيوجده امتثالا أو طلبا لجنانه أو فرارا من عقابه أو لنحو ذلك من الدواعي الإلهية، فإرادة صدور الفعل عن العبد بتوسط ارادته علة لان يصير المولى في مقام احداث الداعي في نفس المكلف وان يريد بعثه وتحريكه نحو العمل ليمتثله المكلف بعد العلم به، ولا يكفى نفس إرادة الفعل منه على النحو المزبور (1) في صدوره عن العبد بإرادته، ما لم يتولد منها الإرادة الثانية