أقول: الظاهر أن كلام الشيخ رحمه الله لا يخرج عما ذكره أخيرا بقوله " نعم " وإنما مراده ذلك، ولو شرط أحدهما خاصة سقط خياره وحده.
وثانيها ايجابهما العقد بعد وقوعه، والتزامهما به بأن يقولا: تخايرنا، أو اخترنا إمضاء العقد، أو أمضينا العقد أو التزمنا به، ونحو ذلك من الألفاظ الدالة على هذا المعنى، ونقل عليه في التذكرة الاجماع.
ولقائل أن يقول: إنه حيث لا نص على ما ذكروه هنا، وقد عرفت أن مقتضى العقد اللزوم كما تقدم ذكره في صدر البحث، وهذا الكلام من قولهما اخترنا أو أمضينا لا يدل على أزيد مما دل عليه العقد بمقتضاه، وإن كان ذلك مؤكدا لما دل عليه العقد من اللزوم، والروايات دلت على أنهما بعد هذا العقد مؤكدا أو خاليا من التأكيد لهما الخيار إلى أن يفترقا، فيصدق هنا أن لهما الخيار، وإن قالا ما قالاه من هذه الألفاظ، إلا أن يقال: إن هذه الألفاظ في قوة اشتراط سقوط الخيار، فيرجع إلى الأول.
وبالجملة فإن باب المناقشة غير مسدود فيما ذكروه هنا.
ثم إنهم ذكروا أنه لو اختار أحدهما ورضي الآخر، فهو في حكم الاختيار أيضا، إذ لا يختص بلفظ، بل كل ما دل على التراضي فهو كاف، ولو أوجبه أحدهما خاصة سقط خياره، ولو وقع ذلك في العقد، فالظاهر أنه من قبيل الشروط التي دلت الأخبار على وجوب الوفاء بها، وقبله يبني على ما تقدم في المسقط الأول.
ولو خير أحدهما صاحبه فسكت، فلا خلاف في بقاء خيار الساكت، وأما المخير فالمشهور أيضا بقاء خياره، وهو قول الخلاف والمبسوط، ووجهه أنه لم يحصل منه ما يدل على سقوط الخيار، ومجرد تخييره صاحبه لا يدل على الامساك بشئ من الدلالات الثلاث.
ونقل عن الشيخ أيضا القول بسقوط خياره، استنادا إلى ما روي عن النبي