توفيقك " (1) وإلى ذلك يرجع كلمات جل أرباب التفسير، غافلين عن حقيقة الأمر الآتية من ذي قبل إن شاء الله تعالى.
أقول: قد عرفت منا أن الهيئة ليست إلا للتحريك الاعتباري، ولا تدل على معنى اسمي كلي بالوضع، بل هي نقشة التكوين وخريطة الخارج، فإذا قال العبد: " إهدنا "، فهو بعث المولى إلى الهداية، وإذا كانت الهداية المبعوث إليها هي هداية الجمع، فيكفي للخروج عن المجازية كون طائفة من المجتمع في الضلالة، سواء كانت في الضلالة عن الإسلام والدين، أو الإيمان ومظاهره، أو سائر أنحاء الضلالات الآتية بتفصيل إن شاء الله تعالى.
ولعل ذلك كان لأجل الإيماء إلى أن في الدعاء لابد وأن يلاحظ حال المضلين والضالين والمغضوب عليهم، لأنهم أحوج إلى الدعاء من غيره، كما في الحديث: " فالناس صنفان: إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق " (2) فمقتضى كونك مظهر الرحمة الرحيمية والرحمانية أن تدعو للكل وتهتم بجميع الخلق.
وقد يقال: إن كل أحد - من الصدر إلى الذيل - في نحو من الضلالة، كما يأتي تحقيقه، فيكون الدعاء على الحقيقة بالنسبة إلى جميع الآحاد والأفراد (3).