غيوب وغياب (1).
أقول: الخلط بين المراد من لفظة " الغيب " في الكتاب والسنة وبين المعنى الموضوع له غير جائز، وقد وقعوا فيه كثيرا، ضرورة أن هذه اللغة مما يستعملها على نعت الحقيقة جميع الملاحدة والمنكرين لغير المحسوسات، بل الغيب والاغتياب والغيبة من المادة الواحدة وضعا ومعنى، ولا شك في أن المتبادر من الغائب هو المحسوس غير الحاضر في المجلس، فلا يقال: إن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) غائب عنا، ولكنه يقال: إنه - عجل الله تعالى فرجه - غائب، كما ترى. ولأجل ذلك حرمة غيبة الأموات محل مناقشة عند الأحياء والأعلام.
وإن أبيت عن ذلك فلا منع من دعوى الأعمية، إلا أنه يستلزم كون الغائب مما لا يدرك بالحاسة، فاللغة بحسب معناها أجنبية عما توهمه جمع من المفسرين.
ومن العجيب أن بعضا من اللغوين يدسون بين الآراء التفسيرية وبين المعاني اللغوية ما لا ينبغي جدا، كما أنه قد انعكس الأمر عند أبناء التفسير وفضلاء التأويل، والكل واقع في غير محله.