وما هو معنى هذه المادة - بعد مراجعة الكتاب واستعمالاته وكتب أهل اللغة - وحقيقته اللغوية هو التصديق وعقد القلب، من غير خصوصية في متعلقه من الحق أو الباطل، ويشهد لذلك قوله تعالى:
* (الذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون) * (1)، والصديق مبالغة من التصديق، بمعنى النسبة إلى الصدق، فيكون الإيمان هي النسبة إلى الأمن، فإذا قيل يؤمن بالله، أو يؤمن بالشيطان، أو يؤمن بكذا، أي يكون ما آمن به في آمن منه.
ومن الممكن دعوى: أن الإيمان المتعدي بالحرف نفس العلقة القلبية والاعتقاد بذلك الشئ والاطمئنان به، فيصح - حينئذ - أن يوصف به سائر الحيوانات.
فما اشتهر: أنه نقيض الكفر، غير موافق للتحصيل بحسب اللغة والوضع، فكونه مدحا فبلحاظ متعلقه، فلا يعد من الصفات الكمالية بحسب المفهوم اللغوي.
وغير خفي: أن العلم بالشئ غير الإيمان به، فإن المتفاهم بل المتبادر من الإيمان بالشئ، هو العلم به مع الالتزام بآثاره ولوازمه، وربما يمكن توسعته في ناحية عدم اعتبار العلم به، بل يجتمع مع الإيمان العقلائي، فلا يلزم القطع البرهاني به والعلم الوجداني بصدقه، بل الإيمان معنى أعم من ذلك من هذه الجهة.