ومن العجب توهم " الكشاف " الاختصاص، وقال: " الأحسن أن يراد منه الاستعانة به وبتوفيقه على أداء العبادة " (1). انتهى.
ولعله حذرا عن الإشكال الآتي في محله من: أن الحصر يستلزم ممنوعية الاستعانة بالغير، وهو غير صحيح، وقع في هذه المهلكة، غفلة عن إمكان الفرار منه من طريق آخر وهو إنكار إفادتها الحصر، مع أنك سترى كيفية حل المعضلة في المقام المناسب له - إن شاء الله تعالى -.
والذي علمت منا: أن المشركين كانوا يعبدون آلهتهم والأصنام ويستمدون منها من غير اختصاص، وكانوا في مشاكلهم ومعضلاتهم يراجعون أوثانهم، ولا يخصون ذلك بالعبادة أو بحالها. نزلت السورة الشريفة في هذا الموقف، فيقيد العموم، كما سيأتي في مقام آخر، أن جملة * (إياك نعبد) * ربما تدل على حصر حقيقة العبادة بما إذا كان المعبود هو الله تعالى، دون العناوين الأخر، كالفرار من النار والفوز بالجنة، فإنه في هذه الحالات ليس هو تعالى معبودا حقيقة.
فبالجملة: دعوى ظهور الجملة - مع قطع النظر عن اللوازم والملزومات - في العموم، قريبة جدا، حتى على القول بأن الواو حالية، فإنه لا يستلزم اختصاص المستعان فيه بالعبادة، كما لا يخفى.