هم المتوسطين بين التفريط في ترك الولاية، والإفراط المخرج عن حد الولاية، وصراطهم كان متوسطا بين التفريط والإفراط في جملة الأمور، وصفهم بقوله: * (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) *، فلا يكون من المفرطين المقصرين، ولا من المفرطين المتجاوزين حد الولاية، فالطريق الوسط هي الولاية لا غير.
وقريب منه: * (صراط الذين أنعمت عليهم) * بنعمة الوحدة، والنعمة الخاصة الرحيمية، التي هي المعرفة والتوحيد والمحبة والهداية الحقة الذاتية، من النبيين والشهداء والصديقين والأولياء، الذين شاهدوه أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، فغابوا في شهودهم طلعة وجهه الباقي عن وجود الظل الفاني.
* (غير المغضوب عليهم) * الذين وقفوا مع الظواهر، واحتجبوا بالنعمة الرحمانية والنعيم الجسماني والذوق الحسي عن الحقائق الروحانية والنعيم القلبي والذوق العقلي، كاليهود إذ كانت دعوتهم إلى الظواهر والجنان والحور والقصور، فغضب عليهم، لأن الغضب يستلزم الطرد والبعد، والوقوف مع الظواهر التي هي الحجب الظلمانية، غاية البعد والطرد والوقوف.
* (ولا الضالين) * الذين وقفوا مع البواطن التي هي الحجب النورانية، واحتجبوا بالنعمة الرحيمية عن الرحمانية، وغفلوا عن ظاهرية الحق، وضلوا عن سواء السبيل، فحرموا شهود جمال المحبوب في الكل، كالنصارى إذ كانت دعوتهم إلى البواطن وأنوار عالم القدس، وأما دعوة المحمديين فإلى الكل والجمع بين صحبة جمال الذات