وأولئك هم المتقون) فأمر سبحانه بالاقتداء بهؤلاء الصادقين المتقين. وقيل: المراد بالصادقين هم الذين ذكرهم الله في كتابه وهو قوله: (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه)، يعني حمزة بن عبد المطلب، وجعفر بن أبي طالب. (ومنهم من ينتظر) يعني علي بن أبي طالب عليه السلام.
وروى الكلبي: عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: كونوا مع الصادقين، مع علي وأصحابه. وروى جابر، عن أبي جعفر عليه السلام في قوله (وكونوا مع الصادقين) قال. مع آل محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: مع النبيين والصديقين في الجنة بالعمل الصالح في الدنيا، عن الضحاك. وقيل: مع محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، عن نافع. وقيل:
مع الذين صدقت نياتهم، واستقامت قلوبهم وأعمالهم، وخرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يتخلفوا عنه، عن ابن عباس. وقيل: إن معنى (مع) هنا معنى (من) فكأنه أمر بالكون من جملة الصادقين، ويعضده قراءة من قرأ (من الصادقين) والمعنيان متقاربان هنا، لأن (مع) للمصاحبة، و (من) للتبعيض، فإذا كان من جملتهم، فهو معهم وبعضهم. وقال ابن مسعود: لا يصلح من الكذب جد ولا هزل، ولا أن يعد أحدكم صبيه، ثم لا ينجز له، اقرأوا إن شئتم هذه الآية، هل ترون في الكذب رخصة؟
(ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين (120) ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة ولا يقطعون واديا إلا كتب لهم ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون (121).
اللغة: الرغبة: طلب المنفعة، يقال: رغب فيه: إذا طلب المنفعة به، ورغب عنه: إذا طلب المنفعة بتركه. والظمأ: شدة العطش. والنصب: التعب، ومثله الوصب، قال النابغة: