عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم (118).
القراءة: قرأ حمزة، وحفص، عن عاصم: (يريغ) بالياء، وهي قراءة الأعمش. والباقون: (تزيغ) بالتاء. والقراءة المشهورة: (الذين خلفوا) وقرأ علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام، وأبو جعفر محمد بن علي الباقر، وجعفر بن محمد الصادق عليهم السلام وأبو عبد الرحمن السلمي: (خالفوا) وقرأ عكرمة، وزر بن حبيش، وعمرو بن عبيد: (خلفوا) بفتح الخاء واللام خفيفة.
الحجة: قال أبو علي: يجوز أن يكون فاعل (كاد) أحد ثلاثة أشياء الأول:
أن تضمر فيها القصة، والحديث، ويكون (تزيغ) الخبر، وجاز ذلك فيها وإن كان الأصل في إضمار القصة إنما هو في الابتداء، لأن الخبر لازم لكاد، فأشبه العوامل الداخلة على الابتداء، للزوم الخبر له قال: ولا يجوز ذلك في (عسى) لأن (عسى) قد يكون فاعله المفرد في كثير من الأمر، فلا يلزمه الخبر كقوله (عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم) فإذا كان كذلك، لم يحتمل الضمير الذي يحتمله (كاد) كما لم يحتمله سائر الأفعال التي تسند إلى فاعليها مما لا يدخل على المبتدأ.
والثاني: أن يضمر في (كاد) ذكر مما تقدم لما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمهاجرون والأنصار قبيلا واحدا، وفريقا واحدا، جاز أن يضمر في (كاد) ما دل عليه ما تقدم ذكره من القبيل، والحزب، والفريق، ونحو ذلك، من الأسماء المفردة الدالة على الجمع. وقال منهم: فحمله على المعنى مثل قوله: (آمن بالله واليوم الآخر) ثم قال: (فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) فكذلك فاعل كاد على هذا الوجه.
الثالث: أن يكون فاعل كاد القلوب، وتقديره من بعد ما كاد قلوب فريق منهم تزيغ، ولكنه قدم تزيغ كما تقدم خبر كان، وجاز تقديمه، وإن كان فيه ذكر من القلوب، ولم يمتنع من حيث يمتنع الإضمار قبل الذكر، لما كان النية به التأخير، كما لم يمتنع ضرب غلامه زيد، لما كان التقدير به التأخير.