(قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون (31) فذالكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون (32) كذلك حقت كلمت ربك على الذين فسقوا أنهم لا يؤمنون (33).
القراءة: قرأ أهل المدينة، وابن عامر: (كلمات) ههنا وفي آخرها على الجمع، وكذلك في سورة المؤمن. والباقون: على التوحيد.
الحجة: قال أبو علي: من قرأ على التوحيد احتمل وجهين أحدهما: أن يكون جعل ما أوعد به الفاسقون كلمة، وإن كانت في الحقيقة كلمات، لأنهم قد يسمون القصيدة كلمة، والخطبة كلمة والآخر: أن يكون (كلمة ربك) التي يراد بها الجنس، قد أوقعت على بعض الجنس، كما أوقع اسم الجنس على بعضه في قوله: (وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل) وقول الشاعر: (ببطن شريان يعوي عنده الذيب) (1). فأما من جمع: فإنه جعل الكلم التي توعدوا بها كل واحدة منها كلمة، ثم جمع فقال (كلمات) وكلاهما وجه.
الاعراب: كذلك حقت: الكاف في موضع نصب أي: مثل أفعالهم جازاهم ربك وقوله (انهم لا يؤمنون) بدل من كلمة (ربك) أي: حقيق عليهم أنهم لا يؤمنون. ويجوز أن يكون على تقدير حقت عليهم الكلمة، لأنهم لا يؤمنون، ويكون الكلمة ما وعدوا به من العقاب.
المعنى: ثم قرر سبحانه أدلة التوحيد والبعث عليهم، فقال: (قل) يا محمد لهؤلاء الكفار (من يرزقكم) أي: من يخلق لكم الأرزاق (من السماء) بإنزال المطر والغيث (و) من (الأرض) باخراج النبات، وأنواع الثمار. والرزق: في اللغة هو العطاء الجاري، يقال رزق السلطان الجند، إلا أن كل رزق فإن الله هو الرزاق به،