(فأنزل الله سكينته عليه) يعني: على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، أي: ألقى في قلبه ما سكن به، وعلم أنهم غير واصلين إليه، عن الزجاج (وأيده) أي: قواه ونصره (بجنود لم تروها) أي: بملائكة يضربون وجوه الكفار وأبصارهم عن أن يروه، عن الزجاج. وقيل: معناه قواه بملائكة يدعون الله تعالى له، عن ابن عباس. وقيل:
معناه وأعانه بالملائكة يوم بدر، وأخبر الله سبحانه أنه صرف عنه كيد أعدائه، وهو في الغار، ثم أظهر نصره بالملائكة يوم بدر، عن مجاهد، والكلبي. وقال بعضهم يجوز أن تكون الهاء التي في (عليه)، راجعة إلى أبي بكر، وهذا بعيد لأن الضمائر قبل هذا وبعده تعود إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، بلا خلاف وذلك في قوله: (إلا تنصروه فقد نصره الله)، وفي قوله: (إذ أخرجه)، وقوله: (لصاحبه) وقوله، فيما بعد:
(وأيده) فكيف يتخللها ضمير عائد إلى غيره، هذا وقد قال سبحانه في هذه السورة:
(ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) وقال في سورة الفتح: (فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين) وقد ذكرت الشيعة في تخصيص النبي صلى الله عليه وآله وسلم، في هذه الآية بالسكينة، كلاما رأينا الإضراب عن ذكره أحرى، لئلا ينسبنا ناسب إلى شئ.
(وجعل كلمة الذين كفروا السفلى) معناه أن الله سبحانه جعل كلمتهم نازلة دنية، وأراد به أنه سفل وعيدهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتخويفهم إياه، وأبطله بأن نصره عليهم، فعبر عن ذلك بأنه جعل كلمتهم السفلى، لا أنه خلق كلمتهم (وكلمة الله هي العليا) أي: هي المرتفعة المنصورة بغير جعل جاعل، لأنها لا يجوز إن تدعو إلى خلاف الحكمة. وقيل: إن كلمة الكفار كلمة الشرك، وكلمة الله هي كلمة التوحيد، وهي قوله (لا إله إلا الله) فمعناه: جعل كلمة الكفار السفلى، بأن جعلهم أذلة أسفلين، وأعلى كلمة الله، بأن أعز الاسلام والمسلمين (والله عزيز) في انتقامه من أهل الشرك (حكيم) في تدبيره.
(انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون (41) لو كان عرضا قريبا وسفرا قاصدا لاتبعوك ولكن بعدت، عليهم الشقة وسيحلفون بالله لوا استطعنا لخرجنا