فالجواب: إن التحدي إنما يقع بما يظهر فيه الإعجاز من منظوم الكلام فيجوز أن يتحدى مرة بالأقل، ومرة بالأكثر (فإن لم يستجيبوا لكم) قيل: إنه خطاب للمسلمين، والمراد فإن لم يجبكم هؤلاء الكفار إلى الإتيان بعشر سور مثله، معارضة لهذا القرآن (فاعلموا) أيها المسلمون (أنما أنزل) القرآن (بعلم الله)، عن مجاهد، واختاره الجبائي. وقيل: هو خطاب للكفار، وتقديره: فإن لم يستجب لكم من تدعونهم إلى المعاونة، ولم يتهيأ لكم المعارضة، فقد قامت عليكم الحجة.
وقيل: إن الخطاب للرسول صلى الله عليه وآله وسلم أي: فإن لم يجيبوك، وذكره بلفظ الجمع تفخيما، والغرض التنبيه على إعجاز القرآن، وأنه المنزل من عند الله سبحانه على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم. وذكر في قوله (بعلم الله) وجوه أحدها: إن معناه أن الله عالم به، وبأنه حق منزل من عنده وثانيها: إن معناه بعلم الله مواقع تأليفه في علو طبقته، وأنه لا يقدر أحد على معارضته وثالثها: أنه أنزله الله على علم بترتيبه ونظمه، ولا يعلم غيره ذلك (وأن لا إله إلا هو) أي: واعلموا أنه لا إله إلا هو، لأن مثل هذا المعجز لا يقدر عليه إلا الله الواحد الذي لا إله إلا هو (فهل أنتم مسلمون) أي: هل أنتم بعد قيام الحجة عليكم بما ذكرناه من كلام الله، مستسلمون منقادون لتوحيده؟ وهذا استفهام في معنى الأمر مثل قوله: (فهل أنتم منتهون).
(من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون (15) أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون (16).
القراءة: روي في الشواذ قراءة أبي، وابن مسعود: (وباطلا ما كانوا يعملون).
الحجة: الوجه فيه أن يكون (باطلا) منصوبا بيعلمون. و (ما): مزيدة للتوكيد، فكأنه قال وباطلا كانوا يعملون. ومثله قوله: (أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون).
اللغة: الزينة: تحسين الشئ بغيره من لبسة، أو حلية، أو هيئة. يقال: زانه يزينه زينة، وزينه يزينه تزيينا. والتوفية: تأدية الحق على تمام. والبخس: نقصان