ثم أخبر سبحانه أنه أجاب لهما الدعوة فقال: (قال) أي: قال الله تعالى لموسى وهارون (قد أجيبت دعوتكما) والداعي كان موسى عليه السلام، لأنه كان يدعو، وكان هارون يؤمن على دعائه، فسماهما داعيين، عن عكرمة، والربيع، وأبي العالية، وأكثر المفسرين، ولأن معنى التأمين: اللهم استجب هذا الدعاء (فاستقيما) أي: فاثبتا على ما أمرتما من دعاء الناس إلى الإيمان بالله تعالى، والإنذار والوعظ. قال ابن جريج: مكث فرعون بعد هذا الدعاء أربعين سنة، وروي ذلك عن أبي عبد الله عليه السلام (ولا تتبعان سبيل الذين لا يعلمون) نهاهما سبحانه عن أن يتبعا طريقة من لا يؤمن بالله، ولا يعرفه، ولا يعرف أنبياءه عليهم السلام (* وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي امنت به بنوا إسرائيل وأنا من المسلمين (90) ءآلئان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين (91) فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون (92) القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم: (آمنت إنه) بكسر الألف. والباقون:
(أنه) بالفتح. وروي عن أبي جعفر، ونافع: (الآن) بإلقاء حركة الهمزة على اللام، وحذف الهمزة. وقرأ (ننجيك) خفيفة، قتيبة، ويعقوب، وسهل.
والباقون: (ننجيك) بالتشديد. وفي الشواذ قراءة أبي بن كعب، ومحمد بن السميقع: (ننحيك) بالحاء.
الحجة: قال أبو علي: من قرأ (آمنت أنه) بالفتح فلأن هذا الفعل يصل بحرف الجر في نحو (يؤمنون بالغيب)، فلما حذف حرف الجر، وصل الفعل إلى أن، فصار في موضع نصب أو جر على الخلاف في ذلك. ومن قرأ (آمنت إنه) بالكسر حمله على القول المضمر، كأنه قال آمنت وقلت إنه، وإضمار القول في هذا النحو كثير. وقال علي بن عيسى: من كسر (إنه) جعله بدلا من (آمنت) ومن فتح جعله معمول (آمنت). وأما (الآن): فإن لام المعرفة إذا دخلت على كلمة أولها