في هذه الآية بأنه لا يظلم أحدا من الناس شيئا بأن ينقص من حسناتهم وجزاء طاعاته، ولكنهم ينقصون أنفسهم، ويظلمونها بارتكاب ما نهى الله عنه من القبائح.
والمعنى هنا: إن الله تعالى لا يمنع أحدا الانتفاع بما كلفهم الانتفاع به من القرآن والأدلة ولكنهم يظلمون أنفسهم بترك النظر فيه، والاستدال به، وتفويتهم أنفسهم الثواب عليها، وادخالهم عليها العقاب ففي الآية دلالة على أنه سبحانه لا يفعل الظلم، فبطل قول المجبرة في إضافة كل ظلم إلى خلقه، وإرادته.
النظم: قيل في اتصال الآية الأولى بما قبلها: إنه سبحانه لما بين دلائل التوحيد والنبوات، فعاندوا وكذبوا، أمر فيما بعد بقطع العصمة عنهم، والوعيد لهم. وأما الآية الأخيرة وهي قوله: (إن الله لا يظلم الناس شيئا) فالوجه في اتصالها بما قبلها، أنها تتصل بقوله (فانظر كيف كانت عاقبة الظالمين) يعنى أنهم استحقوا ذلك الهلاك والعذاب بأفعالهم وما ظلمناهم. وقيل: انها اتصلت بقوله: (ومنهم من يستمعون إليك ومنهم من ينظر إليك) فكأنه قال إن الله لا يمنعهم الانتفاع بما كلفهم بل مكنهم، وبين لهم، وهداهم، وأزاح علتهم، ولكن ظلموا هم أنفسهم بترك الانتفاع به، عن الجبائي، وأبي مسلم، وقيل: إنه لما تقدم ذكر الوعد والوعيد، بين سبحانه أنه لا يظلمهم أي: لا ينقص من حسناتهم ولا يزيد في سيئاتهم.
(ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين (45) وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم ثم الله شهيد على ما يفعلون (46) ولكل أمة رسول فإذا جاء رسولهم قضى بينهم بالقسط وهم لا يظلمون (47) القراءة: قرأ حفص عن عاصم: (ويوم يحشرهم) بالياء. والباقون.
بالنون.
الحجة، والاعراب: قال أبو علي: يحتمل قوله: (كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار). ثلاثة أوجه أحدها: أن يكون صفة ليوم: والآخر: أن يكون صفة للمصدر المحذوف والثالث: أن يكون حالا من الضمير في نحشرهم فإذا جعلته صفة ليوم احتمل ضربين من التأويل: أحدهما: أن يكون قبله إلا ساعة،