إنما يريد الله ليعذبهم بها في الدنيا، أي: بسبي الأولاد، وغنيمة الأموال عند تمكن المؤمنين من أخذها، وغنمها، فيتحسرون عليها، فيكون ذلك جزاء على كفرهم عن الجبائي. وخامسها: إن المراد يعذبهم بجمعها وحفظها وحبها، والبخل بها، والحزن عليها، وكل هذا عذاب، وكذلك خروجهم عنها بالموت لأنهم يفارقونها، ولا يدرون إلى ماذا يصيرون، واللام في قوله (ليعذبهم) يحتمل أن يكون بمعنى أن، ويحتمل أن يكون لام العاقبة. والتقدير إنما يريد الله أن يملي لهم فيها ليعذبهم.
(وتزهق أنفسهم) أي: تهلك وتذهب بالموت (وهم كافرون) جملة في موضع الحال أي: حال كونهم كافرين، والإرادة تعلقت بزهوق أنفسهم، لا بالكفر، وهذا كما تقول أريد أن أضربه وهو عاص، فالإرادة تعلقت بالضرب، لا بالعصيان.
(ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون (56) لو يجدون ملجئا أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه وهم يجمحون (57) القراءة: قرأ يعقوب وسهل: (أو مدخلا) بفتح الميم، وسكون الدال، وهو قراءة ابن أبي إسحاق، والحسن. والباقون: (مدخلا) وفي الشواذ قراءة مسلمة بن محارب: (ومدخلا) بضم الميم وسكون الدال. وقراءة الأعرج: (مدخلا) بتشديد الدال والخاء. وقرأ أنس: (وهم يجمزون) رواه الأعمش عنه.
الحجة: أما قوله (مدخلا) في القراءة المشهورة، فأصله مدتخلا، لكن التاء تبدل بعد الدال دالا، لأن التاء مهموسة، والدال مجهورة، والتاء والدال من مكان واحد، فكان الكلام من وجه أحد أخف ومن قرأ (مدخلا) فهو من دخل يدخل مدخلا. ومن قرأ (مدخلا): فهو من أدخلته مدخلا قال:
الحمد لله ممسانا ومصبحنا * بالخير صبحنا ربي ومسانا ومن قرأ (مدخلا) بتشديد الدال والخاء: جعله متدخلا، ثم أدغم التاء في الدال. وفي رواية الأعمش أنه سمع أنسا يقرأ (يجمزون) فقال: وما يجمزون؟
قال: يجمزون، ويجمحون، ويشتدون، واحد.
اللغة: الفرق: انزعاج النفس بتوقع الضرر، وأصله من مفارقة الأموال حال