(قل أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم إنكم كنتم قوما فاسقين (53) وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ولا ينفقون إلا وهم كارهون (54) فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون (55).
القراءة: قرأ أهل الكوفة غير عاصم: (أن يقبل) بالياء. والباقون: بالتاء.
الحجة: وجه القراءة بالتاء أن الفعل مسند إلى مؤنث في اللفظ، ووجه الياء ان التأنيث ليس بحقيقي، فجاز أن يذكر كما جاء (فمن جاءه موعظة).
اللغة: الطوع: الانقياد بإرادة لم يحمل عليها. والكره: فعل الشئ بكراهة حمل عليها. والمنع: أمر يضاد الفعل وينافيه، وهو على وجهين منع أن يفعل، ومنع أن يفعل به، فهؤلاء منعوا من أن يفعل بهم قبول نفقتهم. والزهق: الخروج بصعوبة، وأصله الهلاك، وكل هالك زاهق زهق يزهق زهوقا. والزاهق من الدواب:
السمين الشديد السمن، لأنه هالك بثقل بدنه في السير، والكر والفر. وزهق فلان بين أيدي القوم: إذا ذهب سابقا لهم حتى يهلك منهم. والإعجاب: السرور بما يتعجب منه، يقال: أعجبني حديثه أي: سرني.
الاعراب: أنفقوا طوعا أو كرها: لفظ أمر ومعناه معنى الشرط والجزاء، المعنى إن أنفقتم طائعين أو مكرهين، لن يتقبل منكم، ومثله من الشعر قول كثير:
أسيئي بنا، أو أحسني لا ملومة لدينا، ولا مقلية إن تقلت (1) فلم يأمرها بالإساءة، ولكن أعلمها إن أساءت أو أحسنت، فهو على عهدها، فكأنه قال إن أحسنت أو أسأت فلا تلامي. قال الزجاج: فإن قال قائل: كيف يكون الأمر في معنى الخبر؟ قيل له إذا كان في الكلام دليل عليه جاز، كما يكون لفظ الخبر في معنى الأمر والدعاء، كقولك: غفر الله لزيد، ورحمه الله، ومعناه: اللهم