نبي الله، وإن الله بعثه إليهم ليدعوهم إلى طاعته (فنجيناه ومن معه في الفلك) أي:
في السفينة (وجعلناهم خلائف) أي: جعلنا الذين نجوا مع نوح خلفاء لمن هلك بالغرق. وقيل: إنهم كانوا ثمانين نفسا. وقال البلخي: يجوز أن يكون أراد جعلناهم رؤساء في الأرض (وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا) أي: أهلكنا باقي أهل الأرض أجمع لتكذيبهم لنوح عليه السلام. (فانظر) أيها السامع (كيف كان عاقبة المنذرين) أي: المخوفين بالله وعذابه، أي كيف أهلكهم الله.
(ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل كذلك نطبع على قلوب المعتدين (74) ثم بعثنا من بعدهم موسى وهارون إلى فرعون وملئه بآياتنا فاستكبروا وكانوا قوما مجرمين (75) فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا إن هذا لسحر مبين (76) قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولا يفلح الساحرون (77) قالوا جئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبر ياء في الأرض وما نحن لكما بمؤمنين (78).
القراءة: روى حماد، ويحيى، عن أبي بكر، وزيد عن يعقوب: (ويكون لكما الكبرياء) بالياء. والباقون بالتاء.
الحجة: الوجه في الياء ان تأنيث الكبرياء غير حقيقي، وقد فصل أيضا بينه وبين الفعل. ومن قرأ بالتاء فلأن لفظه لفظ التأنيث.
اللغة: الإجرام: اكتساب السيئة، وأصله القطع. واللفت: الصرف عن الأمر، يقال: لفته يلفته لفتا، وامرأة لفوت: ذات زوج لها ولد من غيره، لأنها تلفت إلى ولدها عنقها.
المعنى: ثم بين سبحانه قصة من بعثه بعد نوح، فقال: (ثم بعثنا من بعده) أي: من بعد نوح، وإهلاك قومه (رسلا) يريد إبراهيم، وهودا، وصالحا، ولوطا، وشعيبا (إلى قومهم) الذين كانوا فيهم بعد أن تناسلوا، وكثروا (فجاؤوهم بالبينات) أي: فأتوهم بالبراهين والمعجزات الدالة على صدقهم، الشاهدة بنبوتهم