متاعنا عنده) ولم يقل من سرق تحرزا من الكذب (إنا إذا لظالمون) أي: لو فعلنا ذلك لكنا ظالمين. وفي هذا دلالة على أن أخذ البرئ بالمجرم ظلم، ومن فعله كان ظالما، والله يتعالى ويجل عن ذلك علوا كبيرا (فلما استيأسوا منه) أي: فلما يئس إخوة يوسف من يوسف، أن يجيبهم إلى ما سألوه، من تخلية سبيل ابن يامين معهم (خلصوا نجيا) أي: انفردوا عن الناس من غير أن يكون معهم من ليس منهم، يتناجون فيما يعملون في ذهابهم إلى أبيهم من غير أخيهم، ويتدبرون في أنهم يرجعون أم يقيمون. وتلخيصه اعتزلوا عن الناس متناجين. وهذا من ألفاظ القرآن التي هي في الغاية القصوى من الفصاحة، والإيجاز في اللفظ، مع كثرة المعنى.
(قال كبيرهم) وهو روبين، وكان أسنهم، وهو ابن خالة يوسف، وهو الذي نهى اخوته عن قتله، عن قتادة، والسدي، والضحاك، وكعب. وقيل: شمعون، وهو كبيرهم في العقل والعلم، لا في السن، وكان رئيسهم، عن مجاهد. وقيل:
يهوذا، وكان أعقلهم، عن وهب الكلبي. وقيل: لاوي عن محمد بن إسحاق، وعن علي بن إبراهيم بن هاشم (ألم تعلموا أن أبكم قد أخذ عليكم موثقا من الله) أراد به الوثيقة التي طلبها منهم يعقوب حين قال: (لن أرسله معكم حتى تؤتون موثقا من الله لتأتنني به) فذكرهم ذلك. (ومن قبل ما فرطتم في يوسف) أي: قصرتم في أمره، وكنتم قد عاهدتم أباكم أن تردوه إليه سالما، فنقضتم العهد. (فلن أبرح الأرض) أي: لا أزال بهذه الأرض، ولا أزول عنها، وهي أرض مصر (حتى يأذن لي أبي) في البراح والرجوع إليه (أو يحكم الله لي) بالخروج، وترك أخي هاهنا.
وقيل: بالموت. وقيل: بما يكون عذرا لنا عند أبينا عن أبي مسلم. وقيل: بالسيف حتى أحارب من حبس أخي، عن الجبائي (وهو خير الحاكمين) لا يحكم إلا بالحق. قالوا: إنه قال لهم: أنا أكون هاهنا، واحملوا أنتم الطعام إليهم.
فأخبروهم بالواقعة.
(ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين (81) وسئل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون (82) قال بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل عسى الله أن يأتيني بهم جميعا إنه هو العليم الحكيم