فأما من قرأ: (يزيغ) بالياء، فيجوز أن يكون قد ذهب إلى أن في (كاد) ضمير الحديث، فيرتفع قلوب بيزيغ، فذكر، وإن كان فاعله مؤنثا، لتقدم الفعل.
ومن قرأ (تزيغ) بالتاء، جاز أن يكون ذهب إلى أن القلوب مرتفعة بكاد، وجاز أن يكون الفعل المسند إلى القصة، أو الحديث، يؤنث إذا كان في الجملة التي يفسرها مؤنث كقوله (فإذا هي شاخصة أبصار الذين كفروا) وجاز تأنيث هي التي هي ضمير القصة، لذكر الأبصار المؤنثة في الجملة التي هي التفسير، فكذلك يؤنث الذي في كاد لذكر المؤنث في الجملة المفسرة، فتقول: كادت، وتدغم التاء التي هي علامة التأنيث في تاء تزيغ وتزيغ على هذا للقلوب، وهي مرتفعة به، ويجوز إلحاق التاء بكاد من وجه آخر، وهي أن ترفع قلوب فريق بكاد، فتلحقه علامة التأنيث من حيث كان مسندا إلى مؤنث. ومن قرأ (خلفوا): فتأويله أقاموا ولم يبرحوا. ومن قرأ (خالفوا) فمعناه: عائد إلى ذلك لأنهم إذا خالفوهم، فأقاموا، فقد خلفوا هناك.
اللغة: الزيغ: ميل القلب عن الحق، ومنه قوله: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم) وزاغت الشمس إذا مالت، وزاغ عن الطريق: جاز وعدل. والتخليف:
تأخير الشئ عمن مضى. فأما تأخير الشئ عنك في المكان، فليس بتخليف، وهو من الخلف الذي هو مقابل لجهة الوجه، يقال خلفه أي: جعله خلفه، فهو مخلف.
ورحبت البلاد: إذا اتسعت. والرحب: السعة، ومنه مرحبا أي: رحبت بلادك وأهلت. والضيق: ضد السعة. والظن: هنا بمعنى اليقين، كما في قول دريد بن الصمة:
فقلت لهم: ظنوا بألفي مدجج سراتهم في الفارسي المسرد (1) النزول: نزلت الآية الأولى في غزاة تبوك، وما لحق المسلمين فيها من العسرة، حتى هم قوم بالرجوع، ثم تداركهم لطف الله سبحانه. قال الحسن: كان العشرة من المسلمين يخرجون على بعير يعتقبونه بينهم، يركب الرجل ساعة، ثم ينزل فيركب صاحبه كذلك، وكان زادهم الشعير المسوس، والتمر المدود، والإهالة