أيكم زادته هذه إيمانا فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون (124) وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون (125).
اللغة: التفقه: تعلم الفقه. والفقه: العلم بالشئ. وفي حديث سلمان أنه قال لامرأة فقهت أي: علمت وفهمت. فأما فقهت، بضم القاف: فمعناه صارت فقيهة. وقد اختص في العرف بعلم الأحكام الشرعية، فيقال لكل عالم بها فقيه.
وقيل: الفقه: فهم المعاني المستنبطة، ولذلك لا يقال الله سبحانه فقيه. والحذر، تجنب الشئ بما فيه من المضرة. قال الزجاج. يقال غلظة وغلظة وغلظة ثلاث لغات. قال أبو الحسن: قراءة الناس بالكسر، وهي العربية، والمراد بالمرض في الآية: الشك، فإنه فساد في القلب يحتاج إلى العلاج، كما أن الفساد في البدن يحتاج إلى مداواة. ومرض القلب أعضل، وعلاجه أعسر، ودواؤه أعز، وأطباؤه أقل.
الاعراب: (لولا نفر) بمعنى هلا نفر، وهي للتحضيض إذا دخلت على الفعل، فإذا دخلت على الاسم، فمعناها امتناع الشئ لأجل وجود غيره، (ليتفقهوا) أي: ليتفقه باقوهم لأنه إذا نفر طائفة منهم تفقه من بقي منهم، وإن شئت فمعناه ليتفقه كلهم، لأنه من نفر منهم إذا رجع استعلم من بقي، فصار كلهم فقهاء.
(وهم يستبشرون): جملة في موضع الحال، وكذلك قوله: (وهم كافرون).
النزول: قيل: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا خرج غازيا، لم يتخلف عنه إلا المنافقون والمعذرون. فلما أنزل الله تعالى عيوب المنافقين، وبين نفاقهم في غزاة تبوك، قال المؤمنون: والله لا نتخلف عن غزاة يغزوها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا سرية أبدا! فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسرايا إلى الغزو، نفر المسلمون جميعا، وتركوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم! وحده، فأنزل الله سبحانه (وما كان المؤمنون لينفروا) الآية عن ابن عباس، في رواية الكلبي. وقيل: انها نزلت في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، خرجوا في البوادي، فأصابوا من الناس معروفا وخصبا، ودعوا من وجدوا من الناس على الهدى، فقال الناس: وما نراكم إلا وقد تركتم صاحبكم، وجئتمونا.