ميعاد عذابهم. وإن قيل كيف قال: (إن كنتم في شك من ديني) مع اعتقادهم بطلان دينه؟ فجوابه من وجوه: أحدها: أن يكون التقدير من كان شاكا في أمري فهذا حكمه. والثاني: انهم في حكم الشاك للاضطراب الذي يجدونه في أنفسهم عند ورود الآيات والثالث: ان فيهم من كان شاكا فغلب ذكرهم.
(وأمرت أن أكون من المؤمنين) أي: وأمرني ربي أن أكون من المصدقين بالتوحيد، وإخلاص العبادة له (وأن أقم وجهك) هذا عطف على ما قبله، فكأنه قال: وقيل لي وأقم وجهك (للدين) أي: استقم في الدين بإقبالك على ما أمرت به من القيام بأعباء الرسالة، وتحمل أمر الشريعة بوجهك. وقيل: معناه وأقم وجهك في الصلاة بالتوجه نحو الكعبة (حنيفا) أي: مستقيما في الدين (ولا تكونن من المشركين، هذا نهي عن الاشراك مع الله سبحانه غيره في العبادة.
(ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك) إن أطعته (ولا يضرك) إن عصيته وتركته أي: لا تدعه إلها كما يدعو المشركون الأوثان آلهة، وإنما قال (ما لا ينفعك ولا يضرك) مع أنه لو نفع وضر لم تحسن عبادته أيضا لأمرين أحدهما: إن معناه ما لا ينفعك نفع الإله، ولا يضرك ضرره. والثاني: أنه إذا كان عبادة غير الله ممن يضر وينفع قبيحة، فعبادة في لا يضر ولا ينفع أقبح. (فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين) معناه: فإن خالفت ما أمرت به من عبادة غير الله، كنت ظالما لنفسك، بإدخالك الضرر الذي هو العقاب عليها. وهذا الخطاب وإن كان متوجها إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الظاهر، فالمراد به أمته (وإن يمسسك الله بضر) معناه: وإن أحل الله بك ضرا من بلاء، أو شدة، أو مرض (فلا كاشف له إلا هو) أي: لا يقدر أحد على كشفه غيره، كأنه سبحانه لما بين أن غيره لا ينفع ولا يضر، عقبه ببيان كونه قادرا على النفع والضر (وإن يردك بخير) من صحة جسم، ونعمة، وخصب، ونحوها (فلا راد لفضله) أي: لا يقدر على منعه أحد، وتقديره: وإن يردك خيرا، ويجوز فيه التقديم والتأخير، يقال: فلان يريدك بالخير، ويريد بك الخير (يصيب به) أي: بالخير (من يشاء من عباده) فيعطيه على ما تقتضيه الحكمة، ويعلمه من المصلحة. (وهو الغفور) لذنوب عباده (الرحيم) بهم.
(قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدى