نوح، إلا ملة واحدة كافرة إلا الخاصة، فإن الأرض لا تخلو من أن يكون لله تعالى فيها حجة.
وثالثها: إن الناس خلقوا على فطرة الاسلام، ثم اختلفوا في الأديان. (ولولا كلمة سبقت من ربك) من أنه لا يعاجل العصاة بالعقوبة، إنعاما عليهم في التأني بهم (لقضي بينهم) أي: فصل بينهم (فيما فيه يختلفون) بأن يهلك العصاة، وينجي المؤمنين، لكنه أخرهم إلى يوم القيامة، تفضلا منه إليهم، وزيادة في الإنعام عليهم.
ثم حكى سبحانه عن هؤلاء الكفار، فقال: (ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه) أي: هلا أنزل على محمد آية من ربه، تضطر الخلق إلى المعرفة بصدقه، فلا يحتاجون معها إلى النظر والاستدلال ولم يطلبوا معجزة تدل على صدقه لأنه، قد أتاهم بالمعجزات الدالة على نبوته، وإنما لم يلجئهم الله إلى ما التمسوه، لأن التكليف يمنع من الاضطرار إلى المعرفة فإن الغرض بالتكليف التعريض للثواب، ولو كانت المعرفة ضرورة لما استحقوا ثوابا، فكيف وكأن يكون ذلك ناقضا للغرض؟
(فقل إنما الغيب لله) معناه: فقل يا محمد: إن الذي يعلم الغيب، ويعلم مصالح الأمور قبل كونها، هو الله العالم لنفسه، يعلم الأشياء قبل كونها، وبعد كونها، لا تخفى عليه خافية، فيعلم ما في إنزاله صلاح فينزله، ويعلم ما ليس في إنزاله صلاح فلا ينزله، ولذلك لا يفعل الآية التي اقترحوها في هذا الوقت، لما في ذلك من حسن تدبير. (فانتظروا) أي: فانتظروا عقاب الله تعالى بالقهر والقتل في الدنيا، والعقاب في الآخرة. (إني معكم من المنتظرين) لأن الله تعالى وعدني النصرة عليكم. وقيل: معناه فانتظروا إذلال الكافرين، فإني منتظر إعزاز المؤمنين.
(وإذا أذقنا الناس رحمة من بعد ضراء مستهم إذا لهم مكر في آياتنا قل الله أسرع مكرا إن رسلنا يكتبون ما تمكرون (21) هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن