لأنهم علموا أنه لقطة، وليست ببضاعة.
(وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون (21) ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين (22).
اللغة: الثواء: الإقامة. والمثوى: موضع الإقامة. والإكرام: إعطاء المراد على جهة الإعظام وهو يتعاظم فأعلاه منزلة ما يستحق بالنبوة، وأدناه ما يستحق بخصلة من الطاعات. وأشد: جمع لا واحد له. وقيل: هو واحد وإن كان على وزن الجمع، فهو مثل الآنك: وهو الرصاص. وقيل: إنه جمع، واحده شد، كما أن واحد الأشر شر، قال الشاعر:
هل غير أن كثر الأشر، وأهلكت حرب الملوك أكاثر الأموال الاعراب: مصر: لا ينصرف لأنه مؤنث معرفة. و (أن ينفعنا): في موضع رفع لكونه فاعل (عسى)، وعسى هذه تامة، لأنها تمت بفاعلها. واللام في قوله (ولتعلمه) محمولة على تقدير دبرنا ذلك لنمكنه، ولنعلمه.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن حال يوسف، بعد أن بيع، فقال: (وقال الذي اشتراه) أي: اشترى يوسف (من مصر) أي: من أهل مصر (لامرأته أكرمي مثواه) أي: مقام يوسف، وموضع نزوله أي: هيئي له موضعا كريما شريفا، وتقدير الآية: فحملوه إلى مصر، وباعوه. وحذف ذلك للدلالة عليه. وكان المشتري خازن فرعون مصر، وخليفته، وصاحب جنوده، واسمه قطفير، وكان لا يأتي النساء.
وقيل: إن اسمه أظفير، وكان يلقب بالعزيز. ومن كان بمكانه يسمى بالعزيز، ومن يسمى بالعزيز ممن لم يكن بمكانه نزع لسانه. فلما عبر يوسف رؤيا الملك سمي العزيز، وجعل مكان العزيز. وكان باعه مالك بن زعر منه بأربعين دينارا، وزوج نعل، وثوبين أبيضين، عن ابن عباس. وقيل: إنه عرضه على البيع في سوق مصر، فتزايدوا حتى بلغ ثمنه ووزنه ورقا، ومسكا، وحريرا، عن وهب. فاشتراه