ارتكاب الفواحش، والحكمة الصارفة عن القبائح، روي ذلك عن الصادق عليه السلام ورابعها: إنه كان في البيت صنم، فألقت المرأة عليه ثوبا فقال عليه السلام: إن كنت تستحين من الصنم، فأنا أحق إن أستحي من الواحد القهار! عن علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام، وخامسها: إنه اللطف الذي لطف الله تعالى به في تلك الحال، أو قبلها، فاختار عنده الامتناع عن المعاصي، وهو ما يقتضي كونه معصوما، لأن العصمة هي اللطف الذي يختار عنده التنزه عن القبائح، والامتناع من فعلها. ويجوز أن يكون الرؤية ههنا بمعنى العلم، كما يجوز أن يكون بمعنى الإدراك.
فأما ما ذكر في البرهان من الأشياء البعيدة بأن قيل: إنه سمع قائلا يقول: يا بن يعقوب! لا تكونن كالطير له ريش، فإذا زنا ذهب ريشه! وقيل: إنه رأى صورة يعقوب عاضا على أنامله. وقيل: إنه رأى كفا بدت فيما بينهما مكتوبا عليها النهي عن ذلك، فلم ينته، فأرسل الله سبحانه جبريل عليه السلام، وقال: أدرك عبدي قبل أن يصيب الخطيئة. فرآه عاضا على إصبعه. فكل هذا سوء ثناء على الأنبياء، مع أن ذلك ينافي التكليف، ويقتضي أن لا يستحق على الامتناع من القبيح مدحا ولا ثوابا.
وهذا من أقبح القول فيه عليه السلام.
(كذلك لنصرف عنه السوء) أي: كذلك أريناه البرهان لنصرف عنه السوء أي: الخيانة (والفحشاء) أي: ركوب الفاحشة. وقيل: السوء الإثم، والفحشاء الزنا (إنه من عبادنا المخلصين) أي: المصطفين المختارين للنبوة. وبكسر اللام المخلصين في العبادة والتوحيد أي: من عبادنا الذين أخلصوا الطاعة لله، وأخلصوا أنفسهم له. وهذا يدل على تنزيه يوسف، وجلالة قدره عن ركوب القبيح، والعزم عليه.
(واستبقا الباب وقدت قميصه من دبر وألفيا سيدها لدا الباب قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوء إلا أن يسجن أو عذاب أليم (25) قال هي راودتني عن نفسي وشهد شاهد من أهلها إن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين (26) وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين (27) فلما رأى قميصه قد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن