ان الفضل بمعنى التفضيل والإفضال أي: ويعط كل ذي إفضال على غيره بمال، أو كلام، أو عمل بيد أو رجل، في جزاء إفضاله. فيكون الهاء في (فضله) عائدا إلى ذي الفضل. وقيل: إن معناه يعطي كل ذي عمل صالح فضله أي: ثوابه على قدر عمله، فإن من كثرت طاعاته في الدنيا، زادت درجاته في الجنة، وعلى هذا فالأولى أن تكون الهاء في (فضله) عائدا إلى اسم الله تعالى (وإن تولوا) أي: أعرضوا عما أمروا به. وقيل: معناه وإن تتولوا أنتم أي: تعرضوا، فحذف إحدى التائين. ولذلك شدد ابن كثير في رواية البزي عنه (فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير) أي: كبير شأنه، وهو يوم القيامة. وهذا الخوف ليس في معنى الشك، بل هو في معنى اليقين أي: فقل لهم يا محمد: إني أعلم أن لكم عذابا عظيما. وإنما وصف اليوم بالكبير، لعظم ما فيه من الأهوال (إلى الله مرجعكم) أي: في ذلك اليوم إلى حكم الله مصيركم، لأن حكم غيره يزول فيه. وقيل: معناه إليه مصيركم بأن يعيدكم للجزاء (وهو على كل شئ قدير) يقدر على الإعادة، والبعث، والجزاء، فاحذروا مخالفته.
(ألا إنهم يثنون صدورهم ليستخفوا منة ألا حين يستغشون ثيابهم يعلم ما يسرون وما يعلنون إنه عليم بذات الصدور (5).
القراءة: روي عن ابن عباس بخلاف، ومجاهد، ويحيى بن يعمر، وعن علي بن الحسين، وأبي جعفر محمد بن علي، وزيد بن علي، وجعفر بن محمد عليهم السلام: (يثنوني صدورهم) على مثال يفعوعل. وعن ابن عباس أيضا:
(يثنون). وعن مجاهد: (يثنئن) وروي ذلك أيضا عن عروة الأعشى.
الحجة: أما (يثنوني) على مثال يفعوعل، فهو من أمثلة المبالغة، تقول:
أعشب البلد، فإذا كثر ذلك قلت: اعشوشب. وكذلك احلولى، واخشوشب، واخشوشن. وأما (يثنون) و (يثنئن) فقد قال ابن جني إنهما من لفظ الثن، وهو ما هش وضعف من الكلاء، وأنشد أبو زيد:
تكفي اللقوح أكلة من ثن (1)