(فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل) أي لم يكونوا ليصدقوا، يعني أولئك الأقوام الذين بعث إليهم الرسل، بما كذبت به أوائلهم الذين هم قوم نوح أي: كانوا مثلهم في الكفر والعتو. وقيل: معناه لم يكن منهم من يؤمن من بعد هذه الآيات بما كذبوا به من قبلها، بل كانت الحالتان سواء عندهم قبل البينات وبعدها، عن أبي مسلم والبلخي (كذلك نطبع على قلوب المعتدين) أي: نجعل على قلوب الظالمين لنفوسهم، الذين تعدوا حدود الله، سمة وعلامة على كفرهم، يلزمهم الذم بها، ويعرفهم بها الملائكة، كما فعلنا ذلك بقلوب هؤلاء الكفار. وقد مر معاني الطبع والختم، فيما تقدم (ثم بعثنا من بعدهم) أي: من الرسل، أو من بعد الأمم (موسى وهارون) عليهما السلام نبيين مرسلين (إلى فرعون وملائه) أي: ورؤساء قومه (بآياتنا) أي: بأدلتنا ومعجزاتنا (فاستكبروا) عن الانقياد لها، والإيمان بها (وكانوا قوما مجرمين) عاصين لربهم، مستحقين للعقاب الدائم (فلما جاءهم) أي. جاء قوم فرعون (الحق من عندنا) يعني: ما أتى به موسى من المعجزات والبراهين (قالوا إن هذا لسحر مبين) أي: ظاهر.
(قال موسى) لهم (أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا) أي: أتقولون لمعجزاته سحر، والسحر باطل، والمعجز حق، وهما متضادان (ولا يفلح الساحرون) أي: لا يظفرون بحجة، ولا يأتون على ما يدعونه ببينة، وإنما هو تمويه على الضعفة (قالوا) يعني قال فرعون وقومه لموسى: (أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا) أي: لتصرفنا عن ذلك (وتكون لكما الكبرياء) أي: الملك، عن مجاهد.
وقيل: العظمة والسلطان، والأصل ان الكبرياء: استحقاق صفة الكبر في أعلى المراتب (في الأرض) أي: في أرض مصر. وقيل: أراد اسم الجنس، والمراد به الانكار، وإن كان اللفظ لفظ الاستفهام، تعلقوا بالشبهة في أنهم على رأى آبائهم، وإن من دعاهم إلى خلافه، فظاهر أمره أنه يريد التأمر عليهم فلم يطيعوه وما نحن لكما بمؤمنين أي: بمصدقين فيما تدعيانه من النبوة (وقال فرعون ائتوني بكل ساحر عليم (79) فلما جاء السحرة قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون (80) فلما ألقوا موسى ما جئتم به السحر إن الله سيبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين (81) ويحق الله الحق بكلماته ولو كره