مقيدا بشرط الإيمان، فلما آيس من إيمانه تبرأ منه وهذا يوافق قراءة الحسن: إلا عن موعدة وعدها أباه، ويقويه قوله: إلا قول إبراهيم لأبيه: لأستغفرن لك، وما أملك لك من الله من شئ.
(إن إبراهيم لأواه) أي: دعاء كثير الدعاء والبكاء، عن ابن عباس، وهو المروي عن أبي عبد الله عليه السلام. وقيل: الأواه، الرحيم بعباد الله، عن الحسن وقتادة.
وقيل: هو الذي إذا ذكر النار قال: أوه، عن كعب. وقيل: الأواه المؤمن بلغة الحبشة، عن ابن عباس. وقيل: الأواه الموقن المستيقن، عن مجاهد، وعكرمة.
وقيل: الأواه العفيف عن النخعي. وقيل: هو الراجع عن كل ما يكره الله عز وجل، عن عطا. وقيل: هو الخاشع المتضرع، رواه عبد الله بن شداد، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وقيل: هو المسبح الكثير الذكر لله سبحانه، عن عقبة بن عامر. وقيل: هو المتأوه شفقا وفرقا، المتضرع يقينا بالإجابة، ولزوما للطاعة، عن أبي عبيدة.
وقال الزجاج: وقد انتظم قول أبي عبيدة أكثر ما روي في الأواه (حليم) يقال بلغ من حلم إبراهيم عليه السلام أن رجلا قد أذاه وشتمه، فقال له: هداك الله. وقيل:
الحليم السيد، عن ابن عباس، وأصله أنه الصبور على الأذى، الصفوح عن الذنب.
النظم: لما تقدم ذكر الكفار والمنافقين، والمنع من موالاتهم، والصلاة عليهم، والقيام على قبرهم للدعاء لهم، نهي عن دعائهم بعد موتهم. ولما نهى الله النبي والمؤمنين عن الاستغفار للمشركين، ذكر قصة إبراهيم وعذره في الاستغفار لأبيه. وأما قوله (إن إبراهيم لأواه حليم): فإنما اتصل بما قبله، بأنه إذا كان له صفة الرأفة والرحمة، يكون في دعائه أخلص، وعلى خلاص أقربائه من العذاب أحرص، ومع ذلك تبرأ منه لما يئس من فلاحه.
(وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شئ عليم (115) إن الله له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وما لكم من دون الله من ولى ولا نصير (116).
النزول: قيل: مات قوم من المسلمين على الاسلام قبل أن تنزل الفرائض،