أبي بلتعة، حيث كتب إلى قريش يخبرهم بخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما أراد فتح مكة.
المعنى: ثم نهى الله سبحانه المؤمنين عن موالاة الكافرين، وإن كانوا في النسب الأقربين، فقال: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء) وهذا في أمر الدين، فأما في أمر الدنيا فلا بأس بمجالستهم ومعاشرتهم، لقوله سبحانه: (وصاحبهما في الدنيا معروفا) قال ابن عباس: لما أمر الله تعالى المؤمنين بالهجرة، وأرادوا الهجرة، فمنهم من تعلقت به زوجته، ومنهم من تعلق به أبواه وأولاده، فكانوا يمنعونهم من الهجرة، فيتركون الهجرة لأجلهم، فبين سبحانه ان أمر الدين مقدم على النسب، وإذا وجب قطع قرابة الأبوين فالأجنبي أولى (إن استحبوا الكفر على الإيمان) أي: إن اختاروا الكفر، وآثروه على الإيمان. قال الحسن:
من تولى الشرك فهو مشرك، وهذا إذا كان راضيا بشركه (ومن يتولهم منكم) فترك طاعة الله لأجلهم، وأطلعهم على أسرار المسلمين (فأولئك هم الظالمون) نفوسهم، والباخسون حقها من الثواب، لأنهم وضعوا الموالاة في غير موضعها، لأن موضعها أهل الإيمان.
(قل) يا محمد لهؤلاء المتخلفين عن الهجرة إلى دار الاسلام (إن كان آباؤكم) الذين ولدوكم، (وأبناؤكم) الذين ولدتموهم، وهم الأولاد الذكور، (وإخوانكم) في النسب، (وأزواجكم) اللاتي عقدتم عليهن عقدة النكاح، (وعشيرتكم) أي: وأقاربكم، (وأموال اقترفتموها) أي اكتسبتموها، واقتطعتموها، وجمعتموها، (وتجارة تخشون كسادها) أي: تخشون أنها تكسد إذا اشتغلتم بطاعة الله تعالى، والجهاد، (ومساكن ترضونها) أي: مساكن اخترتموها لأنفسكم، ويعجبكم المقام فيها (أحب إليكم) أي: آثر في نفوسكم، وأقرب إلى قلوبكم (من الله ورسوله) أي: من طاعة الله، وطاعة رسوله، (وجهاد في سبيله) أي: ومن والجهاد في سبيل الله (فتربصوا) أي: انتظروا (حتى يأتي الله بأمره) أي: بحكمه فيكم. وقيل: بعقوبتكم على اختياركم هذه الأشياء على الجهاد، وطاعة الله، إما عاجلا، وإما آجلا، وفيه وعيد شديد، عن الحسن، والجبائي.
وقيل: بفتح مكة، عن مجاهد. وقال بعضهم: وهذا لا يصح لأن سورة (براءة) نزلت بعد فتح مكة، (والله لا يهدي القوم الفاسقين) مضى تفسيره.
(لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم