(براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين (1) فسيحوا في الأرض أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله وأن الله مخزي الكافرين (2) . اللغة: معنى البراءة: انقطاع العصمة، يقال: برأ يبرأ براءة، وتبرأ تبرؤا، وأبرأه إبراء. والسيح: السير على مهل، يقال ساح يسيح سيحا وسياحة وسيوحا وسيحانا، والإعجاز: إيجاد العجز. والعجز: ضد القدرة عند من أثبته معنى.
والإخزاء: الإذلال بما فيه الفضيحة والعار. والخزي: النكال الفاضح.
. الاعراب: براءة: ترتفع على أنها خبر مبتدأ محذوف، وتقديره هذه الآيات براءة. ويحتمل أن يكون مبتدأ، وخبره في الظرف، وهو قوله (إلى الذين) وجاز أن يكون المبتدأ نكرة، لأنها موصوفة، والأول أجود، لأنه يدل على حضور المدرك، كما تقول لمن تراه حاضرا: حسن والله، أي هذا حسن.
. المعنى: (براءة من الله): أي هذه براءة من الله. (ورسوله): أي انقطاع للعصمة، ورفع للأمان، وخروج من العهود. (إلى الذين عاهدتم من المشركين):
الخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وللمسلمين، والمعنى: تبرؤوا ممن كان بينكم وبينهم عهد من المشركين، فإن الله ورسوله بريئان منهم. قال الزجاج معناه: قد برئ الله ورسوله من إعطائهم العهود، والوفاء لهم بهما، إذ نكثوا، وإذا قيل: كيف يجوز أن ينقض النبي صلى الله عليه وآله وسلم، العهد؟ فالقول فيه: إنه يجوز أن ينقض ذلك على أحد ثلاثة أوجه:
إما أن يكون العهد مشروطا بأن يبقى إلى أن يرفعه الله تعالى بوحي. وإما أن يكون قد ظهر من المشركين خيانة ونقض، فأمر الله سبحانه بأن ينبذ إليهم عهدهم.
وإما أن يكون مؤجلا إلى مدة، فتنقضي المدة، وينتقض العهد. وقد وردت الرواية بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، شرط عليهم ما ذكرناه. وروي أيضا أن المشركين كانوا قد نقضوا العهد أو هموا بذلك، فأمره الله سبحانه أن ينقض عهودهم.
. ثم خاطب الله سبحانه المشركين فقال: (فسيحوا في الأرض) أي: سيروا في الأرض على وجه المهل، وتصرفوا في حوائجكم آمنين من السيف (أربعة أشهر)، فإذا انقضت هذه المدة، ولم تسلموا، انقطعت العصمة عن دمائكم وأموالكم.