أصابته القرعة ألقيناه في الماء، فإن هاهنا عبدا عاصيا آبقا. فوقعت القرعة سبع مرات على يونس، فقام وقال: أنا العبد الآبق، وألقى نفسه في الماء، فابتلعه الحوت، فأوحى الله إلى ذلك الحوت: لا تؤذ شعرة منه، فإني جعلت بطنك سجنه، ولم أجعله طعامك. فلبث في بطنه ثلاثة أيام، وقيل: سبعة أيام. وقيل. أربعين يوما.
وقد سأل بعض اليهود أمير المؤمنين عليا عليه السلام، عن سجن طاف أقطار الأرض بصاحبه؟ فقال له: يا يهودي! هو الحوت الذي حبس يونس في بطنه، فدخل في بحر (قلزم) حتى خرج إلى بحر (مصر)، ثم سار منها إلى بحر (طبرستان)، ثم خرج من (الدجلة). قال عبد الله بن مسعود ابتلع الحوت حوت آخر، فأهوى به إلى قرار الأرض، وكان في بطنه أربعين ليلة، (فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين) فاستجاب الله له، فأمر الحوت، فنبذه على ساحل البحر، وهو كالفرخ المتمعط. فأنبت الله عليه شجرة من يقطين، فجعل يستظل تحتها، ووكل الله به وعلا (1) يشرب من لبنها، فيبست الشجرة. فبكى عليها، فأوحى الله تعالى إليه تبكي على شجرة يبست، ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن أهلكهم؟
فخرج يونس فإذا هو بغلام يرعى، فقال: من أنت؟ قال: من قوم يونس.
قال: إذا رجعت إليهم فأخبرهم أنك لقيت يونس. فأخبرهم الغلام، ورد الله عليه بدنه، ورجع إلى قومه، وآمنوا به. وقيل: إنه عليه السلام أرسل إلى قوم غير قومه الأولين.
(ولو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين (99) وما كان لنفس أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون (100) القراءة: قرأ: (ونجعل) بالنون حماد، ويحيى عن أبي بكر. والباقون:
بالياء.