هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون (18) وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا ولولا كلمة سبقت من ربك لقضى بينهم فيما فيه يختلفون (19) ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين (20).
القراءة: قرأ (تشركون) بالتاء أهل الكوفة، غير عاصم، وكذلك في (النحل) في موضعين، وفي (الروم). والباقون كل ذلك بالياء.
الحجة: من قرأ بالتاء فلقوله (أتنبئون الله) ومن قرأ بالياء: احتمل وجهين:
أحدهما: على قل كأنه قيل له قل أنت سبحانه وتعالى عما يشركون. والوجه الآخر:
أن يكون هو سبحانه نزه نفسه عما أقروه فقال ذلك.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار، فقال: (ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم) أي: ويعبد هؤلاء المشركون الأصنام التي لا يضرهم إن تركوا عبادتها، ولا ينفعهم إن عبدوها. فإن قيل: كيف ذمهم على عبادة الصنم الذي لا ينفع ولا يضر، مع أنه لو نفع وضر لكان لا يجوز أيضا عبادته؟ قلنا: عبادة من لا يقدر على أصول النعم وإن قدر على النفع والضر، إذا كان قبيحا، فمن لا يقدر على النفع والضر أصلا من الجماد، تكون عبادته أقبح وأشنع، فلذلك خصه بالذكر.
(ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله) أخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار أنهم قالوا:
إنا نعبد هذه الأصنام لتشفع لنا عند الله، وإن الله أذن لنا في عبادتها، وانه سيشفعها فينا في الآخرة، وتوهموا أن عبادتها أشد في تعظيم الله سبحانه من قصده تعالى بالعبادة، فجمعوا بين قبيح القول، وقبيح الفعل، وقبيح التوهم. وقيل: معناه هؤلاء شفعاؤنا في الدنيا لإصلاح معاشها، عن الحسن، قال: لأنهم كانوا يقرون بالبعث بدلالة قوله (وأقسموا بالله) جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت (قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض) أمر سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، أن يقول لهم على وجه الإلزام: أتخبرون الله بما لا يعلم من حسن عبادة الأصنام، وكونها شافعة، لأن