فيجازيكم عليها أجمع (سيحلفون بالله لكم) أي سيقسم هؤلاء المنافقون والمتخلفون فيما يعتذرون به إليكم أيها المؤمنون (إذا انقلبتم إليهم) أنهم إنما تخلقوا العذر (لتعرضوا عنهم) أي: لتصفحوا عن جرمهم، ولا توبخوهم، ولا تعنفوهم.
ثم أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين فقال: (فأعرضوا عنهم) أي:
إعراض رد وإنكار، وتكذيب، ومقت. ثم بين عن سبب الإعراض فقال: (انهم رجس) أي: نجس، ومعناه إنهم كالشئ المنتن الذي يجب الاجتناب عنه، فاجتنبوهم كما تجتنب الأنجاس (ومأواهم جهنم) أي: مصيرهم، ومآلهم، ومستقرهم، جهنم (جزاء بما كانوا يكسبون) أي: مكافاة على ما كانوا يكسبونه من المعاصي.
(يحلفون لكم لترضوا عنهم) أي: طلبا لمرضاتكم عنهم أيها المؤمنون (فإن ترضوا عنهم) لجهلكم بحالهم (فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين) الخارجين من طاعته إلى معصيته، لعلمه بحالهم، ومعناه: إنه لا ينفعهم رضاكم عنهم، مع سخط الله عليهم، وارتفاع رضاه عنهم، وإنما قال سبحانه ذلك لئلا يتوهم أنه إذا رضي المؤمنون، فقد رضي الله، والمراد بذلك أنه إذا كان الله لا يرضى عنهم، فينبغي لكم أيضا أن لا ترضوا عنهم.
وفي هذا دلالة على أن من طلب بفعله رضا الناس، ولم يطلب رضا الله سبحانه، فإن الله يسخط الناس عليه، كما جاء في الحديث، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أنه قال من التمس رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه، وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه، وأسخط عليه الناس.
(الأعراب أشد كفرا ونفاقا وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله والله عليم حكيم (97) ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء والله سميع عليم (98) ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الأخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله