مشرك، قال المشركون: نحن نتبرأ من عهدك، وعهد ابن عمك. ثم لما كانت السنة المقبلة، وهي سنة عشر، حج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، حجة الوداع، وقفل (1) إلى المدينة، ومكث بقية ذي الحجة الحرام، والمحرم، وصفر، وليالي من شهر ربيع الأول، حتى لحق بالله، عز وجل.
(وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فاعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم (3) إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين (4).
القراءة: قرأ يعقوب برواية روح وزيد: (ورسوله) بالنصب، وهي قراءة الحسن، وابن أبي إسحاق، وعيسى بن عمرو. وقرأ سائر القراء: (ورسوله) بالرفع. وفي الشواذ قراءة عكرمة، وعطا: (لم ينقضوكم) بالضاد المعجمة.
الحجة: من قرأ (ورسوله) بالرفع، فإنه على الابتداء، وخبره محذوف، ويدل عليه ما تقدمه، وتقديره ورسوله أيضا برئ منهم، ويجوز أن يكون معطوفا على المضمر في (برئ). وحسن العطف عليه، وإن كان غير مؤكد، لأن قوله (من المشركين) قام مقام التوكيد. وذكر سيبويه وجها ثالثا، وهو: أن يكون معطوفا على موضع أن، وهذا وهم منه، لأن (أن) المفتوحة مع ما بعدها في تأويل المصدر، فقد تغيرت عن حكم المبتدأ، وصارت في حكم ليت، ولعل، وكأن، في إحداثها معنى يفارق المبتدأ، فكما لا يجوز العطف على مواضعهن، فكذا لا يجوز العطف على موضع (أن). وإنما يجوز العطف على موضع (إن) المكسورة، كما قال الشاعر:
فمن يك أمسى بالمدينة رحله فإني وقيار بها لغريب (2)