هذه السورة إيمانا أي: يقينا وبصيرة.
(فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا) معناه: فأما المؤمنون المخلصون فزادتهم تصديقا بالفرائض مع ايمانهم بالله، عن ابن عباس. ووجه زيادة الإيمان أنهم كانوا مؤمنين بما قد نزل من قبل، وآمنوا بما أنزل الآن (وهم يستبشرون) أي: يسرون ويبشر بعضهم بعضا، قد تهللت وجوههم، وفرحوا بنزولها.
(وأما الذين في قلوبهم مرض) أي: شك ونفاق (فزادتهم رجسا إلى رجسهم) أي: نفاقا وكفرا إلى نفاقهم، وكفرهم، لأنهم يشكون في هذه السورة، كما شكوا فيما تقدمها من السور، فذلك هو الزيادة. وسمي الكفر رجسا على وجه الذم له، وانه يجب تجنبه كما يجب تجنب الأرجاس، وأضاف الزيادة إلى السورة، لأنهم يزدادون عندها رجسا، ومثله: كفى بالسلامة داء، وقول الشاعر: (وحسبك داء أن تصح وتسلما). (وماتوا وهم كافرون) أي: وأداهم شكهم فيما أنزل الله تعالى من السور، إلى أن ماتوا على كفرهم، وآبوا شر مآب.
(أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين ثم لا يتوبون ولا هم يذكرون (126) وإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض هل يراكم من أحد ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون (127) لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم (128) فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم (129)).
القراءة: قرأ: (أولا ترون) بالتاء، حمزة، ويعقوب، وهي قراءة أبي.
والقراءة المشهورة (من أنفسكم) بضم الفاء. وقرأ ابن عباس، وابن علية، وابن محيصن، والزهري: (من أنفسكم) بفتح الفاء، وقيل: إنها قراءة فاطمة عليها السلام.
الحجة: من قرأ بالتاء: فهو خطاب للمؤمنين. ومن قرأ بالياء: فهو تقريع للمنافقين بالإعراض عما يجب أن لا يعرضوا عنه، من التوبة والإقلاع عما هم عليه