يوحى إليك) افتتح هذه السورة ببيان ذلك الوحي، فقال:
بسم الله الرحمن الرحيم (الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير (1) ألا تعبدوا إلا الله إنني لكم منه نذير وبشير (2) وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله، وإن تولوا فإني أخاف عليكم عذاب يوم كبير (3) إلى الله مرجعكم وهو على كل شئ قدير (4).
اللغة: الإحكام: منع الفعل من الفساد. والحكمة: المعرفة بما يمنع الفعل من الفساد، والنقص، وبما يميز القبيح من الحسن، والفاسد من الصحيح، والحكيم في صفات الله سبحانه يحتمل وجهين أحدهما: أن يكون بمعنى محكم فهو فعيل بمعنى مفعل، أي: محكم أفعاله، فيكون على هذا من صفات فعله، فلا يوصف به فيما لم يزل. والثاني: أن يكون بمعنى عليهم، فيكون من صفات ذاته، فيوصف بأنه حكيم لم يزل.
الاعراب: قال الزجاج: (كتاب) مرفوع بإضمار هذا كتاب. وقال بعضهم:
(كتاب) خبر (الر). وهذا غلط لأن (كتاب أحكمت آياته) ليس هو (الر) وحدها. و (أن لا تعبدوا) في موضع نصب تقديره: فصلت آياته لأن لا تعبدوا.
ويحتمل أن يكون علي تقدير: أمركم بأن لا تعبدوا، فلما حذف الباء، وصل الفعل، فنصبه. (وأن استغفروا) معطوف عليه ومعنى (إلا) في قوله (إلا الله) ايجاب للمذكور بعدها ما نفي عن كل ما سواه من العبادة، وهي التي تفرغ عامل الإعراب لما بعدها. (يمتعكم): جزم جواب لقوله: (وأن استغفروا ربكم) و (إن تولوا): يريد تتولوا، فحذف إحدى التاءين تخفيفا، وابن كثير يدغم التاء الأولى في الثانية، ويشدد.
المعنى: قد بينا تفسير (الر) والأقاويل التي فيها، في أول البقرة، فلا معنى لإعادته. (كتاب) يعني القرآن أي: هو كتاب (أحكمت آياته ثم فصلت) ذكر فيه