كليني لهم يا أقيمة ناصب وليل أقاسيه بطئ الكواكب (1) والمخمصة: المجاعة، وأصله ضمور البطن للمجاعة. ورجل خميص البطن، وامرأة خمصانة: ضامرة البطن. والموطئ: الأرض. والغيظ: انتقاض الطبع بما يرى مما يسوؤه يقال: غاظه، يغيظه.
المعنى: لما قص الله سبحانه قصة الذين تأخروا عن الخروج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى غزوة تبوك، ثم اعتذارهم عن ذلك، وتوبتهم منه، وأنه قبل توبة من ندم على ما كان منه لرأفته بهم، ورحمته عليهم، ذكر عقيب ذلك على وجه التوبيخ لهم، والإزراء على ما كانوا فعلوه، فقال: (ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله) ظاهره خبر، ومعناه نهي، مثل قوله: (ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله) أي: ما كان يجوز، وما كان يحل لأهل مدينة الرسول، ومن حولهم من سكان البوادي، ان يتخلفوا عنه في غزاة تبوك وغيرها، بغير عذر. وقيل:
انه مزينة، وجهينة، وأشجع، وغفار، وأسلم.
(ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) أي: ما كان يجوز لهم، ولجميع المؤمنين أن يطلبوا نفع نفوسهم بتوقيتها دون نفسه، وهذه فريضة ألزمهم الله إياها لحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما دعاهم إليه من الهدى الذي اهتدوا به، وخرجوا من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان. وقيل: معناه ولا يرضوا لأنفسهم بالخفض والدعة، ورسول الله في الحر والمشقة. يقال: رغبت بنفسي عن هذا الأمر أي: ترفعت عنه، بل عليهم أن يجعلوا أنفسهم وقاية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم (ذلك) أي: ذلك النهي لهم، والزجر عن التخلف (بأنهم لا يصيبهم ظمأ) أي: عطش (ولا نصب) أي: ولا تعب في أبدانهم (ولا مخمصة في سبيل الله) أي: ولا مجاعة وهي شدة الجوع في طاعة الله (ولا يطؤون موطئا يغيظ الكفار) أي: لا يضعون أقدامهم موضعا يغيظ الكفار وطؤهم إياه، يعني دار الحرب، فإن الانسان يغيظه ويغضبه أن يطأ غيره موضعه (ولا ينالون من عدو نيلا) أي: ولا يصيبون من المشركين أمرا، من قتل، أو جراحة، أو مال، أو أمر يغمهم، ويغيظهم (إلا كتب لهم به عمل صالح) وطاعة رفيعة (إن الله لا يضيع أجر المحسنين) أي: الذين يفعلون الأفعال الحسنة التي يستحق بها المدح