(وباطل ما كانوا يعملون) أي: بطل أعمالهم التي عملوها لغير الله تعالى. وهذا يحقق ما ذهبنا إليه من أن الإحباط عبارة عن إبطال نفس العمل، بأن يقع على غير الوجه الذي يستحق به الثواب.
وذكر الحسن في تفسيره: ان رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، خرج من عند أهله، فإذا جارية عليها ثياب وهيئة، فجلس عندها. فقامت فأهوى بيده إلى عارضها، فمضت فأتبعها بصره ومضى خلفها، فلقيه حائط، فخمش وجهه، فعلم أنه أصيب بذنبه. فأتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكر له ذلك، فقال: أنت رجل عجل الله عقوبة ذنبك في الدنيا، إن الله تعالى إذا أراد بعبد شرا، أمسك عنه عقوبة ذنبه حتى يوافي به يوم القيامة، وإذا أراد به خيرا، عجل له عقوبة ذنبه في الدنيا.
النظم: وجه اتصال الآية بما قبلها: إنه سبحانه لما قال (فهل أنتم مسلمون) فكأن قائلا قال: إن أظهرنا الاسلام لسلامة المال والنفس، يكون ماذا؟ فقال: من أراد الدنيا دون الآخرة سواء أرادها بإظهار الاسلام، أو أرادها بسائر المساعي، فسبيله هذا.
(أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه ومن قبله كتاب موسى إماما ورحمة أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده وفلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك ولكن أكثر الناس لا يؤمنون (17) ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين (18) الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالأخرة هم كافرون (19) أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون (20) أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون (21) لا جرم أنهم في الآخرة