ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتستحلونه؟ قال: فقلت بلى. قال:
فتلك عبادتهم.
(والمسيح ابن مريم) أي: اتخذوا المسيح إلها من دون الله. (وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا) أي: معبودا واحدا هو الله تعالى (لا إله إلا هو) أي: لا تحق العبادة إلا له، ولا يستحق العبادة سواه (سبحانه) تنزيها له (عما يشركون) اي:
عن شركهم، وعما يقولونه، وعما لا يليق به.
(يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون (32) هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (33) اللغة: الاطفاء: إذهاب نور النار، ثم استعمل في إذهاب كل نور. والأفواه:
جمع فم وأصله فوه، فحذفت الهاء وأبدلت من الواو ميم، لأنه حرف صحيح من مخرج الواو، مشاكل لها. والإباء: الامتناع مما طلب من المعنى. قال الشاعر (وإن أرادوا ظلمنا أبينا) أي: منعنا من الظلم.
الاعراب: قوله: (إلا أن يتم نوره) إنما دخلت (إلا) لأن في (أبيت) ضربا من الجحد، تقول: أبيت أن أفعل كذا، فيكون معناه لم أفعل كذا، قال الشاعر:
وهل لي أم غيرها إن تركتها أبى الله إلا أن أكون لها ابنا قال الزجاج: في الآية حذف تقديره يأبى الله كل شئ إلا إتمام نوره، قال:
ولا يكون الإيجاب جحدا، ولو جاز ذلك على ما يكون فيه طرف من الجحد، لجاز كرهت إلا أخاك، مثل أبيت، إلا أن أبيت الحذف مستعمل معها.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن هؤلاء الكفار من اليهود والنصارى أنهم (يريدون أن يطفئوا نور الله) وهو القرآن والإسلام، عن أكثر المفسرين. وقيل: نور الله الدلالة والبرهان لأنهما يهتدى بهما، كما يهتدى بالأنوار، عن الجبائي. قال: ولما سمى سبحانه الحجج والبراهين أنوارا، سمى معارضتهم لذلك إطفاء، ثم قال:
(بأفواههم) لأن الاطفاء يكون بالأفواه وهو النفخ، وهذا من عجيب البيان، مع ما