على الحياة في الآخرة الباقية في النعيم الدائم (فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل) أي: فما فوائد الدنيا ومقاصدها في فوائد الآخرة ومقاصدها إلا قليل، لانقطاع هذه، ودوام تلك.
ثم عقبه سبحانه بالتهديد والوعيد فقال: (إلا تنفروا يعذبكم الله عذابا أليما) ومعناه: إن لا تخرجوا إلى القتال الذي دعاكم إليه الرسول، وتقعدوا عنه، يعذبكم الله عذابا أليما مؤلما في الآخرة. وقيل: في الدنيا (ويستبدل) بكم (قوما غيركم) لا يتخلفون عن الجهاد. وقيل: هم أبناء فارس، عن سعيد بن جبير. وقيل: هم أهل اليمن، عن أبي روق. وقيل: هم الذين أسلموا بعد نزول هذه الآية، عن الجبائي (ولا تضروه شيئا) أي: ولا تضروا الله بهذا القعود شيئا، لأنه غني لنفسه، لا يحتاج إلى شئ، عن الحسن، وأبي علي. وقيل: معناه ولا تضروا الرسول شيئا، لأن الله عصمه من جميع الناس، وينصره بالملائكة، أو بقوم آخرين من المؤمنين. (والله على كل شئ قدير) فهو القادر على الاستبدال بكم، وعلى غير ذلك من الأشياء. قال الزجاج: وهذا وعيد شديد في التخلف عن الجهاد.
(إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصحابه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم (40).
القراءة: قرأ يعقوب وحده كلمة (الله): بالنصب. والباقون: بالرفع.
الحجة: من نصب عطفه على قوله (وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وجعل كلمة الله هي العليا) ومن رفع استأنف، وهو أبلغ لأنه يفيد أن كلمة الله هي العليا على كل حال.
الاعراب: ثاني اثنين: نصب على الحال، وللعرب في هذا مذهبان أحدهما:
قولهم هذا ثاني اثنين، وثالث ثلاثة، ورابع أربعة، وخامس خمسة، أي: أحد