يبعثه الله نبيا. قال الجبائي: في الآية دلالة على جواز الدعاء بما يعلم الله تعالى أنه يكون لأن يوسف كان عالما بأنه إن كان له لطف، فلا بد أن يكون الله يفعل ذلك به، ومع هذا سأله ذلك. ولا تدل الآية على ما قاله لما قلناه من أنه يجوز أن يكون سأله لتجويزه أن يكون له لطف عند الدعاء ولو لم يدع لم يكن ذلك لطفا، فما سأل إلا ما جوز أن لا يكون لو لم يدع.
(إنه هو السميع العليم) أي: السميع لدعاء الداعي، العليم بإخلاصه في دعائه، وبما يصلحه من الإجابة، أو يفسده (ثم بدا لهم) أي: ظهر لهم (من بعد ما رأوا الآيات) وأنما لم يقل لهن مع تقدم ذكر النسوة، لأنه أراد به الملك. وقيل:
أراد به زليخا وأعوانها، فغلب المذكر، وأراد بالآيات: العلامات الدالة على براءة يوسف، وهي: قد القميص من دبره، وجز الأيدي، عن قتادة، وغيره. وقيل:
يريد بالآيات: العلامات الدالة على الأياس منه. وقوله (بدا) فاعله مضمر، وتقديره ثم بدا لهم بداء (ليسجننه حتى حين) ودل (ليسجننه) عليه، فإن السجن هو الذي بدا لهم.
قال السدي: وذلك أن المرأة قالت لزوجها: إن هذا العبد قد فضحني في الناس من حيث إنه يخبرهم اني راودته عن نفسه، ولست أطيق أن أعتذر بعذري، فإما أن تأذن لي فأخرج وأعتذر، وإما أن تحبسه كما حبستني. فحبسه بعد علمه ببراءته. وقيل إن الغرض من الحبس: أن يظهر للناس أن الذنب كان له، لأنه إنما يحبس المجرم. وقيل: كان الحبس قريبا منها، فأرادت أن يكون بقربها حتى إذا أشرفت عليه، رأته. وقوله (حتى حين) قيل: إلى سبع سنين، عن عكرمة.
وقيل: إلى خمس سنين، عن الكلبي. وقيل: إلى وقت ينسى حديث المرأة معه، وينقطع فيه عن الناس خبره، عن الجبائي.
(ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا وقال الأخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين (36) قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذالكما مما علمني ربي إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالأخرة