والثواب. وفي هذا تحريض على الجهاد وأعمال الخير.
(ولا ينفقون نفقة صغيرة ولا كبيرة) أي: ولا ينفقون في الجهاد، ولا في غيره من سبل الخير والمعروف؟ نفقة قليلة ولا كثيرة، يريدون بذلك اعزاز دين الله، ونفع المسلمين، والتقرب بذلك إلى الله تعالى (ولا يقطعون واديا) أي: ولا يجاوزون واديا (إلا كتب لهم) ثواب ذلك (ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون) أي: يكتب طاعاتهم ليجزيهم عليها بقدر استحقاقهم، ويزيدهم من فضله حتى يصير الثواب أحسن وأكثر من عملهم. وقيل: إن الأحسن من صفة فعلهم، لأن الأعمال على وجوه: واجب، ومندوب، ومباح. وإنما يجازي على الواجب والمندوب، دون المباح، فيقع الجزاء على أحسن الأعمال. وقيل: معناه ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون.
قال ابن عباس: يرضيهم بالثواب، ويدخلهم الجنة بغير حساب. والآيتان تدلان على وجوب الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحظر التخلف عنه، وقد اختلف في ذلك، فقيل: المراد بذلك جميع من دعاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الجهاد، وهو الصحيح. وقيل: المراد به أهل المدينة، ومن حولها من الأعراب.
ثم اختلف فيه من وجه آخر فقيل: إنه خاص في النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ليس لأحد أن يتخلف عنه في الجهاد إلا لعذر. فأما غيره من الأئمة فيجوز التخلف عنه، عن قتادة. وقيل: إن ذلك لأول هذه الأمة وآخرها من المجاهدين في سبيل الله، عن الأوزاعي، وابن المبارك. وقيل: إن هذا كان في ابتداء الاسلام، وفي أهله قلة، فأما الآن وقد كثر الاسلام وأهله، فإنه منسوخ بقوله: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة) الآية، عن ابن زيد. وهذا هو الأقوى، لأنه لا خلاف أن الجهاد من فروض الكفايات، فلو لزم كل أحد، لصار من فروض الأعيان.
(* وما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون (122) يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعملوا أن الله مع المتقين (123) وإذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول