هذه الأصنام آلهة، وأنها تستحق العبادة. وقيل: كيف تحكمون لأنفسكم بما لا توجبه الحجة، ولا تشهد بصحته الأدلة (وما يتبع أكثرهم إلا ظنا) أي: ليس يتبع أكثر هؤلاء الكفار إلا ظنا، الظن الذي لا يجدي شيئا من تقليد آبائهم ورؤسائهم (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) لأن الحق إنما ينتفع به من علمه حقا، وعرفه معرفة صحيحة، والظن يكون فيه تجويز أن يكون المظنون على خلاف ما ظن، فلا يكون مثل العلم (إن الله عليم بما يفعلون) من عبادة غير الله تعالى، فيجازيهم عليه، وفيه ضرب من التهديد.
(وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين (37) أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (38) بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين (39) ومنهم من يؤمن به ومنهم من لا يؤمن به وربك أعلم بالمفسدين (40).
اللغة: القرآن: عبارة عن هذا الكلام الذي هو في أعلى طبقات البلاغة، مع حسن النظام والجزالة، والتفصيل، والتقسيم، والتمييز، نظائر. وضده التلبيس، والتخليط، والسورة: جملة منزلة، محيطة بآيات الله كإحاطة سور البناء بالبناء.
والاستطاعة: حالة للحي تنطاع بها الجوارح للفعل، وهي مأخوذة من الطوع.
والقدرة مأخوذة من القدر، فهي معنى يمكن أن يوجد بها الفعل والا يوجد لتقصير قدره عن ذلك المعنى.
الاعراب: (وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله) أي لأن يفترى، ويجوز أن يكون المعنى: ما كان هذا القرآن افتراء، فيكون مصدرا في موضع نصب بأنه خبر كان، و (تصديق) عطف عليه أي: ولكن كان تصديق الذي بين يديه.
(أم يقولون افتراه): أم هذه هي المنقطعة، وتقديره: بل أيقولون. و (كيف):
في موضع نصب على أنه خبر كان.