(يدبر الأمر) أي: يقدر وينفذه على وجهه، ويرتبه على مراتبه على أحكام عواقبه، وهو مأخوذ من الدبور (ما من شفيع إلا من بعد إذنه) إنما قال هذا وإن لم يجر ذكر للشفعاء لأن الكفار كانوا يقولون: الأصنام شفعاؤنا عند الله، فبين سبحانه أن الشفيع إنما يشفع عنده، إذا أذن له قي الشفاعة، وإذا كانت الأصنام لا تعقل، فكيف تكون شافعة مع أنه لا يشفع عنده أحد من الملائكة والنبيين إلا بإذنه وأمره.
(ذلكم الله ربكم) أي: إن الموصوف بهذه الصفات هو إلهكم (فاعبدوه) وحده لأنه لا إله لكم سواه، ولا يستحق هذه الصفات غيره، ولا تعبدوا الأصنام (أفلا تذكرون) حثهم سبحانه على التذكر والتفكر فيما أخبرهم به، وعلى تعرف صحته (إليه مرجعكم جميعا) المرجع يحتمل معنيين أحدهما: أن يكونا بمعنى المصدر الذي هو الرجوع. والآخر: أن يكون بمعنى موضع الرجوع أي: إليه موضع رجوعكم يكون إذا شاء (وعد الله حقا) أي: وعد الله تعالى ذلك عباده، وعدا حقا صدقا (إنه يبدؤ الخلق ثم يعيده) أي: يبتدئ الخلق ابتداء، ثم يعيدهم بعد موتهم (ليجزي الذين) آمنوا وعملوا الصالحات) أي: ليؤتيهم جزاء أعمالهم (بالقسط) أي: بالعدل، لا ينقص من أجورهم شيئا (والذين كفروا لهم شراب من حميم) أي: ماء حار قد انتهى حره في النار (وعذاب اليم) وجيع (بما كانوا يكفرون) أي: جزاء على كفرهم.
النظم: وجه اتصال هذه الآية بما قبلها: أنه قال: أكان للناس عجبا؟ قالوا:
وكيف لا نعجب، ولا علم لنا بالمرسل؟ فقال: إن ربكم الله، ويجوز أن يكون على أنه لما قال أكان للناس عجبا، وكان هذا حكما على الله سبحانه، فكأنه قال:
أفتحكمون عليه وهو ربكم. قال الأصم: ويحتمل أن يكون هذا ابتداء خطاب للخلق جميعا، احتج الله بها على عباده بما بين من بدائع صنعه في السماوات والأرض، وفي أنفسهم.
(هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون (5) إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لأيات