الله (وما كانوا مهتدين) للحق. قال الحسن: معناه خسروا أنفسهم لأنهم لم يكونوا مهتدين في الدنيا، ولو كانوا مهتدين في الدنيا لم يخسروا أنفسهم. ومعناه: أنهم خسروا الدنيا حين صرفوها إلى المعاصي، وخسروا نعيم الآخرة حين فوتوها على أنفسهم بمعاصيهم.
(وإما نرينك) يا محمد في حياتك (بعض الذي نعدهم) أي: نعد هؤلاء الكفار من العقوبة في الدنيا. قالوا: ومنها وقعة بدر (أو نتوفينك) أي: نميتنك قبل أن ينزل ذلك بهم، وينزل ذلك بهم بعد موتك (فإلينا مرجعهم) أي: إلى حكمنا مصيرهم في الآخرة، فلا يفوتوننا. وقيل: إن الله سبحانه وعد نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ينتقم له منهم إما في حياته، أو بعد وفاته، ولم يحده بوقت، فقال: إن ما وعدناه حقا لا محالة (ثم الله شهيد على ما يفعلون) أي: عليم بأفعالهم، حافظ لها، فهو يوفيهم عقاب معاصيهم.
(ولكل أمة رسول) أي: لكل جماعة على طريقة واحدة، ودين واحد، كأمة محمد، وأمة موسى، وعيسى عليهم السلام، رسول بعثه الله إليهم، وحمله الرسالة التي يؤديها إليهم (فإذا جاء رسولهم) ههنا حذف وإضمار، والتقدير فإذا جاء رسولهم، وبلغ الرسالة، فكذبه قومه، وصدقه آخرون (قضي بينهم) فيهلك المكذبون، وينجو المؤمنون. وقيل: معناه فإذا جاء رسولهم يشهد عليهم يوم القيامة، عن مجاهد. وقيل: في الدنيا بما أذن الله له من الدعاء عليهم، قضى بينهم أي: فصل بينهم الأمر على الحتم (بالقسط) أي: بالعدل (وهم لا يظلمون) أي: لا ينقصون عن ثواب طاعاتهم، ولا يزدادون في عقاب سيئاتهم.
(ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين (48) قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (49) قل أرءيتم إن أتاكم عذابه بياتا أو نهارا ما يستعجل منه المجرمون (50) أثم إذا ما وقع آمنتم به الآن وقد كنتم تستعجلون (51) ثم قيل للذين ظلموا ذوقوا عذاب الخلد هل تجزون بما كنتم تكسبون (52)